
محمد كويمن العمارتي
حققت طنجة خلال العام المنصرم 9 آلاف نقطة ضوء جديدة، وهو إنجاز مهم يستحق وقفة تأمل في لحظة مكاشفة حقيقية تحت كل هذه الأضواء الساطعة، التي تغطي تراب المدينة، لكن للأسف غالبا ما نتحدث فقط عن النقط السوداء، ولا ننتبه للنقط المضيئة، ولو أن الأمر يتعلق هذه المرة بأعمدة الإنارة العمومية وليس بشيء آخر، يبحث عنه كل من يرغبون في “الضو” الذي لا يصعق، ومع ذلك “الله يضويها علينا”، بعيدا طبعا عن فواتير أمانديس..
وكاد المجلس الجماعي أن يحتفل بهذه الحصيلة، وهو يبشر السكان بتزويد شوارع المدينة وساحاتها وأزقتها بهذا الكم الهائل من المصابيح، باعتبار إضافة 9 آلاف نقطة ضوء جديدة في عهد حزب المصباح، قد يعكس شعاره حول الانتقال بواقع الشأن المحلي من “الظلمات إلى النور”، ولو أن ذلك يبقى فقط من محاسن الصدفة أو ربما من مساوئها، إلا أن ما لا ينكره العمدة هو فضل الوالي، أولا وأخيرا، في “إغراق” المدينة بأعمدة الإنارة العمومية من أجل تسليط كل الأضواء على طنجة الكبرى..
لكن حين يرى أهل المدينة أن هذه الأضواء، كلفت ميزانية الجماعة ما يناهز 9 ملايير سنتيم خلال السنة الماضية، وهو المبلغ الذي رصدته مقابل ما تستهلكه طنجة من الكهرباء والماء، بعدما ارتفعت نسبة الاستهلاك ب 6 بالمائة مقارنة مع سنة 2015 نتيجة تزايد أعداد أعمدة الإنارة العمومية، فالأمر يختلف في تجاوب السكان مع اختيارات الظل والضوء، وفق مقاربة الجمالية لبرامج التأهيل الحضري، من خلال استحضار الكلفة المالية، ومدى قدرة المجلس على مواكبة حجم النفقات المتزايدة، ومسؤوليته في رصد الإمكانيات اللازمة لتوفير الصيانة المطلوبة، وإلا قد تتحول نقط الضوء إلى نقط سوداء، خاصة وأن مالية الجماعة تقف على شفى الإفلاسوسط نفق مظلم، فهي عاجزة لحد الآن عن تأدية ما مجموعه 77 مليون درهم من نفقاتها الإجبارية، في الوقت الذي يتواصل فيه تنفيذ الحجوزات على حسابها البنكي بسبب الأحكام القضائية الصادرة ضدها، والأمر لا يقف عند نقط الضوء في مسارالكشف عن طريقة تدبير شؤون المدينة، أمام ضخامةمصاريف التدبير المفوض، كحال قطاع النظافة، الذييشكل إلى جانب أجور الموظفيننسبة 53 بالمائة من نفقات الميزانية العامة، إضافة لمتطلبات النقل الحضري والمناطق الخضراء و…، وهو ما يجعل طنجة في حاجة ماسة لنقط ضوء حقيقية، تكون كاشفة لكل السواد الغامض، قبل فوات الأوان..
*عن أسبوعية “لاكرونيك”