
تشهد الساحة المغربية تنامياً مقلقاً في ظاهرة الإقبال على القمار وألعاب الحظ، التي باتت تشمل مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، من الشباب إلى كبار السن، ومن النساء إلى الرجال، في ظل تطور وسائل الوصول إليها وسهولة ممارستها رقمياً.
من “التيرسي” إلى تطبيقات القمار
أصبحت ألعاب الحظ تتخذ أشكالاً متعددة، من الرهانات الرياضية واليانصيب إلى الكازينوهات الرقمية عبر الهواتف الذكية، مما ساهم في توسيع دائرة الإدمان وسط غياب رقابة اجتماعية أو قانونية فعلية.
تقديرات حديثة تفيد بأن ما بين 3,3 و8,2 ملايين شخص في المغرب يمارسون هذه الألعاب، فيما يُصنّف أكثر من 40% منهم في خانة المعرضين للإفراط والإدمان.
ويرى فاعلون مدنيون أن القمار لم يعد يقتصر على فضاءات عامة كما في السابق، بل تسلل إلى الحياة اليومية للأفراد عبر العالم الرقمي، وأصبح في متناول الجميع دون حواجز، وهو ما زاد من خطورته، خاصة على الفئات الهشة والمراهقين.
خطر نفسي واجتماعي صامت
يرى مختصون في علم النفس أن القمار سلوك إدماني قائم على آليات نفسية معقدة. إذ لا يتعلق فقط بالرغبة في التسلية أو الربح، بل يتحول تدريجياً إلى اضطراب سلوكي يصعب السيطرة عليه.
المقامر يعود إلى اللعب مراراً تحت تأثير وهم الربح القريب، ليدخل بعد ذلك في دوامة من القلق، الشعور بالذنب، الانعزال، الاكتئاب، وأحياناً الإفلاس المالي وتوتر العلاقات الأسرية. ومع تزايد هذه الحالات، يبرز خطر انعكاساتها على المجتمع ككل، عبر ارتفاع نسب الجريمة والانحراف.
تحذير ديني واضح
من الجانب الديني، يُصنّف القمار ضمن أشكال الكسب غير المشروع، نظراً لما يحمله من مفاسد أخلاقية واجتماعية، أبرزها أكل أموال الناس بالباطل، وإثارة العداوة والبغضاء، والغفلة عن العبادة والواجبات الدينية.
ويُنبّه مختصون في الشأن الديني إلى أن الكثيرين باتوا يستصغرون هذه المعصية، أو يتجاهلون تحريمها، وهو ما يزيد من استفحال الظاهرة تحت ذرائع الربح السريع وتحقيق الرفاه دون جهد.
دعوة لإجراءات حازمة
في ظل هذا الامتداد المقلق، تتصاعد الدعوات إلى سنّ تشريعات حازمة تضبط القطاع الرقمي لألعاب الحظ، وتمنع استهداف الفئات الهشة، مع تعزيز التوعية بمخاطر القمار كإدمان نفسي وسلوك غير أخلاقي.
ويشدد مختصون ومجتمع مدني على أهمية التنسيق بين الجوانب النفسية، الدينية، والقانونية للحد من الظاهرة، في أفق بناء مجتمع أكثر وعياً واستقراراً.