
محمد العمراني
بعد ان تعذر، امس الاربعاء، انتخاب رئيس ومكتب مجلس مقاطعة طنجة المدينة، تكرر نفس السيناريو مع مقاطعتي السواني ومغوغة، حيث لم يتوفر النصاب القانوني في كلا الاجتماعين، لتجد السلطة نفسها مضطرة للإعلان عن تحديد موعد جديد.
هاته التطورات المتسارعة تؤكد أن مدينة طنجة تعيش حالة احتقان سياسي كبير جدا، على وشك ان ينفجر في كل لحظة وحين.
المتتبعون للشأن العام المحلي بطنجة يؤكدون أن فشل انعقاد جلستي السواني ومغوغة ماهو إلا احد التداعيات للممارسات الخطيرة التي حدثت أمس بمدخل قصر بلدية طنجة، عندما اصر محمد الشرقاوي، احد المرشحين لرئاسة مقاطعة المدينة، على استعراض قوته، مزهوا بالحرس الشخصي “فيدورات”، في مشهد يذكرنا بممارسات المافيا الايطالية.
كل ذلك جرى أمام أعين السلطات المحلية، التي اختارت موقف المتفرج، وكأن لسان حالها يبارك هاته الممارسات المشينة، والتي كنا نعتقد أنها ولت إلى غير رجعة.
ماحدث أمس يؤشر على وجود تحالف خطير بين مافيا التهريب الدولي للمخدرات واباطرة البناء العشوائي بأحياء مسنانة والرهراه وبوخالف، يتربص بمنصب رئاسة مقاطعة طنجة المدينة.
هاته الوضعية تسائل بشكل مباشر رئيس قسم الشؤون الداخلية بولاية طنجة، باعتباره المسؤول عن تدبير ملف الانتخابات بمدينة طنجة، وهو الساهر على ضمان شروط التنافس الشريف بين الفرقاء السياسيين، ومن أوجب واجباته التدخل لردع اي محاولة تستهدف المس بمصداقية المؤسسات، وذلك بإعمال اختصاصته المخولة له بموجب القانون، وفي حالة اكتست هاته الممارسات او التصرفات شبهة جنائية عليه ان يحرك المتابعة القضائية.
ما ذا يعني اكتفاء رئيس قسم الشؤون الداخلية بموقع المتفرج، وهو يرى كبار اباطرة البناء العشوائي هم من يتحكمون في تشكيل الاغلبية لتنصيب رئيس تحوم حوله الكثير من الشبهات، ان على مستوى مصادر الأموال التي انفقها بلا حسيب ولارقيب خلال الحملة الانتخابية الاخيرة، او على مستوى علاقاته باوساط معروفة بارتباطها الوثيق مع مافيات التهريب الدولي للمخدرات، ولعل قصة الساعة الفاخرة مقابل التزكية، التي يتغنى بها المرشح المحظوظ في المجالس العامة والخاصة دليل على ما يثار عن هذا المرشح، الذي تراهن اكثر من جهة على تنصيبه ضدا على الشرعية الانتخابية؟!..
أكاد اجزم ان الحياد الملغوم لرئيس قسم الشؤون الداخلية إزاء هاته المؤامرة هو بمثابة دعم مبطن لهذا التوجه الانقلابي، وإلا هل اصبح سي محمد الطاوس عاجزا عن ردع مافيات البناء العشوائي، وهي التي تنصاع لمجرد إشارة من اصغر اصبع لعون سلطة، فما بالك برئيس قسم الشؤون الداخلية.
الافظع من ذلك، هل يعلم المسؤول عن الطابق الثالث بمبنى الولاية، ان القصر الملكي العامر يقع ضمن النفوذ الترابي لمقاطعة المدينة، كما أنها تحتضن تمثيليات القنصليات الاجنبية، والمفوضية الامريكية، وكذا ميناء طنجة المدينة، والعديد من المؤسسات الحساسة، الأمر الذي يستوجب ان يكون على رأس المقاطعة شخص مسؤول و عاقل وناضج، وليس له أية شبهة علاقة مع اوساط معروفة بارتباطاتها مع بارونات التهريب الدولي للمخدرات.
لنقلها بكل صراحة، ما يجري التحضير له ليس له من وصف سوى ‘المؤامرة”. مؤامرة على مدينة طنجة ومؤامرة على ساكنتها، يتم تنفيذها من طرف لوبيات واطراف لم يعد لها من هاجس سوى الانتقام من مدينة تحظى بعطف و رعاية خاصين من ملك البلاد، واي موقف حيادي مزعوم قد يتخذه رئيس قسم الشؤون الداخلية، فإنه بذلك يقدم دعما واضحا ل لوبي الفساد الذي لم يستفق بعد من صدمة صناديق الاقتراع.
يبقى أخيرا التساؤل حول ما إذا كان رئيس قسم الشؤون الداخلية يضع الوالي مهيدية في صورة ما يجري بمدينة طنجة، وينقل له حقيقة الاوضاع، لان كل من يعرف مهيدية يشهد له بصرامته ونزاهته، وانه لن يسمح بان يتم اختراق المؤسسات المنتخبة من طرف مافيا التهريب الدولي للمخدرات وأباطرة البناء العشوائي.