
طنجاوي
لم يعد مجمع العرفان بمدينة طنجة، مرادفا لمشروع سكني شيدته مجموعة الضحى العقارية، بقدر ما صار يحيل على التوتر الأمني، وعلى منطقة قابلة للاشتعال في أي لحظة، والسبب التواجد المكثقف للمهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء…
عندما تطأ قدماك هذا المركب الإسمنتي ،تشعر كأنك داخل إلى أعماق إفريقيا، تحاصرك ملامح أناس ذو بشرة سوداء يفترشون الأزقة لعرض سلع أغلبها صينية الصنع، لعلهم يتدبرون ما يسدون به رمق العيش، وآخرون اختاروا الكراسي والأرصفة مكانا لهم، طمعا في مساعدة أحدهم مقابل أجر مادي زهيد، يسد رمقهم ويضمن قوت يومهم.

كل من زار أزقة “العرفان” ينخدع لمظاهر التعايش السلمي البادية بين هؤلاء الوافدين من العمق الأفريقي، وبين ساكنة الحي المغاربة، لكن سرعان ما تنكشف حقيقة الوضع السائد هناك…
المواطنون المغاربة لم يعد بمقدورهم التغاضي عن السلوكات المشينة للعديد من هؤلاء المهاجرين:
احتلال الشقق بالقوة، خاصة تلك المملوكة للمغاربة المقيمين بالخارج، والذين لا يفدون لطنجة إلا في فصل الصيف، والتجول بملابس خادشة للحياة، من غير تقدير لحرمة العائلات القاطنة هناك…
تنظيم حفلات ماجنة، تستهلك فيها كل أنواع الخمور والمخدرات، وتحويل الشقق إلى محلات للدعارة، ومراقص ليلية مفتوحة 24 ساعة/24 ساعة…
تكوين عصابات إجرامية، مختصة في ترويج المخدرات، والتهجير السري، و التي غالبا ما تدخل في صراعات دامية لتصفية الحسابات….

كل هاته الممارسات الشائنة، والممارسات الإجرامية، حولت حياة العائلات المغربية القاطنة هناك إلى جحيم حقيقي، بينما الأمن غائب بالمرة، وكأن هاته المنطقة صارت خارج دائرة نفوذ ولاية أمن طنجة، حتى السلطات المحلية غير مكترثة لمعاناة الأسر المغربية، حتى نداءات التدخل الاستعجالي للقوات الأمنية تبقى دون أي استجابة…
المهاجرون الأفارقة ينفون بطبيعة الحال كل التهم الموجهة إليهم، ويقدمون أنفسهم كضحايا للأوضاع السياسية المضطربة التي تعرفها بلادهم الأصلية، وأنهم لم يختاروا الاستقرار بطنجة، بل هدفهم الرئيس هو عبور المضيق نحو السواحل الإسبانية…
حتى أولئك الذين استفادوا من تسوية وضعية الإقامة بالمغرب، على قلتهم، يجدون صعوبة في إيجاد شغل قار يضمن لهم العيش بكرامة..
ومهما كانت مبررات هؤلاء، فإن الواقع لا يرتفع، فعلا هناك جاليات لا تجنح للعنف، و سلوكاتها سلمية، وتسعى للعيش بسكينة وطمأنينة، لكن بالمقابل هناك أعداد كبيرة مهم، خاصة تلك المتحدرة من نيجيريا والكامرون، معروفون بسلوكياتهم العدوانية، وينشطون في عصابات لترويج المخدرات والهجرة السرية…
لكن وأمام غياب أي حل جذري لمعظلة تواجد المئات من هؤلاء المهاجرين، سيبقى مجمع العرفان بؤرة للتوتر وقنبلة موقوتة قابلة للانفجار، حيث أصبحت الاشتباكات بين الطرفين أمرا يكاد يصبح معتادا، رغم أن تكلفتها تكون باهضة، قد تنتهي بجرائم قتل، كتلك التي وقعت السنة الماضية…

وفي انتظار ان تجد السلطات المعنية حلا لهاته الوضعية، فإن السكان لا يطالبون إلا بتوفير الأمن والطمأنينة بهذا المجمع القنبلة، ولسان حالهم يقول: هل وضع وحدة أمنية قارة بهذا المجمع يحتاج لقرار من الرباط؟…
