
طنجاوي
تشهد مدينة طنجة منذ مدة غزوا متواصلا، من طرف وجوه غريبة عن المدينة، لم يتعود سكان المدينة على رؤيتها، بشكل يثير الكثير من التساؤولات. حيث ما أن تطأ أقدامهم المدينة، حتى تجدهم وقد احتلوا أزقتها وشوارعها مسلحين بقصص، تكاد تكون متشابهة، عن معاناتهم وعوزهم وفقرهم، مستعينين في ذلك بمهارات الإقناع لاستدرار عطف المحسنين. المثير في الأمر أن هاته الظاهرة المشينة لم تعد مقتصرة على المغاربة وحدهم، بل حتى المهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء، واللاجئين السوريين أيضا، صاروا المنافس رقم واحد لمحترفي التسول المغاربة.

غير أن ظاهرة التسول بطنجة تزداد استفحالا في رمضان الأبرك ، خاصة أمام مساجد المدينة، حيث تصدمك مشاهد جموع المتسولين يتخذون الأرصفة المجاورة لها مكانا لهم، البعض يحمل في يديه رزمة من الوصفات الطبية لعلها تشفع لهم أمام فاعلي الخير، ليمدونهم بصدقة تختلف قيمتها حسب المتصدق، بينما البعض الأخر اختار من أولاده الصغار مدخلا لاستجلاب تعاطف المحسنين.
الأفارقة كان لهم تكتيك آخر، فهم يتجمعون بالباب الخلفية للمسجد مرددين عبارات “غير مفهومة”، لكنها حتما تحمل في طياتها معنى طلب المساعدة “. أما السوريون فوضعهم المأساوي نتيجة الحرب الأهلية الدائرة هناك، تبقى شفيعا لهم لطلب المساعدة.
الفظيع في الأمر أن معظم من يمتهن هذه الحرفة هم أناس لا يعانون من أي مرض عضال أو عاهة مستديمة، قد تمنعهم من العمل وبالتالي تجعلهم يطلبون العون من الآخر. بل تجدهم وقد اتخذوا من التسول تجارة مربحة، تضمن لهم دخلا معتبرا في ظروف مريحة.
ما من شك في أن استفحال ظاهرة التسول بطنجة قد ألحق ضررا كبيرا بالمدينة، والأمور ستزداد استفحالا في ظل تجاهل مريب للسلطات العمومية، التي تغض البصر عن محترفي التسول، وتترك لهم المجال مفتوحا لتشويه صورة المدينة، ونهب أموال الناس باختلاق قصص الفقر والعوز، علما أن الجميع يعرف بأنها مجرد حيل ماكرة للحصول على عطف المحسنين. بل إن السلطات تتصرف وكأنها غير معنية بإيجاد حل لهاته المعضلة.