
محمد العمراني
عاد ملف الشيشة بطنجة ليطفو على سطح الأحداث من جديد بالمدينة، بعدما خرجت ساكنة حي النجمة إلى الاحتجاج، للتنديد بالأشغال الجارية في أحد المحلات لافتتاح مقهى جديدة للشيشة…
والواقع الذي لا يمكن حجبه بالغربال، هو أن مدينة طنجة صارت خاضعة لهيمنة مالكي مقاهي الشيشة، الذين باتوا يشكلون لوبيا نجح في فرض نفوذه على جميع الإدارات المتدخلة في هذا الملف…
لم يعد خافيا أن المدينة شهدت في الأشهر الماضية تناسلا خطيرا لمقاهي الشيشة، التي تحولت إلى أوكار لممارسة الفساد، وتعاطي المخدرات الصلبة والقوية، وملاذا مفضلا للقاصرات، وهن في غالبيتهن تلميذات في عمر الزهور…
الجميع يعرف أن هاته الأوكار أصبحت تنافس الكابريهات والعلب الليلية في توفير الطلب للباحثين عن المتعة الجنسية، حتى أن شبكة قوية من “القوّادات” أصبحت متخصصة في جلب الفتيات وعرضهن على الزبائن، الذين هم على استعداد للدفع أكثر، خصوصا إذا كان العرض من الفتيات الوافدات لتوهن إلى عالم الليل…
قبل أيام استعرض السي مولود أوخويا، والي أمن طنجة، في برنامج إذاعي، ما اعتبره إنجازات تحسب لصالحه في ضبط الوضع الأمني بالمدينة، ومن ضمن منجزاته تحدث عن محاربة أوكار الشيشة، مستدلا بحملاته المتكررة على هاته المحلات…

تصريحات السيد والي الأمن تدفعنا لطرح سؤال عريض، هل يتحدث سيادته عن طنجة أو عن مدينة أخرى؟
إذا كان يتحدث عن حملات تشنها المصالح الأمنية في مدينة أخرى، يمكن لنا أن نصدق الأمر، لكن والحال أنه يتكلم عن طنجة فالواقع يعاكس كل تصريحاته…
كيف يتحدث عن حملات لمواجهة مقاهي الشيشة، وهي تتناسل بشكل يومي، و ياريت لو كانت بالمناطق المعروفة بنشاطها السياحي!..
المصيبة أن هناك مقاهي محاذية للمؤسسات التعليمية، مع ما يشكله الأمر من مخاطر حقيقية على مستقبل التلاميذ والتلميذات، وفي قلب الأحياء السكنية، وعلى الرغم من عشرات الشكايات المقدمة من أولياء أمور التلاميذ، ومن طرف الساكنة، فإن مصيرها كان هو سلة المهملات…
السيد والي الأمن يعلم جيدا أن مقاهي الشيشة تحولت إلى أوكار لممارسة الفساد، ولتعاطي المخدرات الصلبة والقوية، وحتى لتناول الخمور، ومع ذلك لم نسمع عن أي بلاغ صادر عن ولاية الأمن يفيد بتقديم ولو مالك مقهى واحد للقضاء بتهمة إعداد وكر لتعاطي الفاحشة…
أقصى ما يتم حجزه بضع نرجيلات منتهية الصلاحية، ومجموعة من الشابات والشبان يتم تقديمهم بتهمة التعاطي للمخدرات سرعان ما يتم إطلاق سراحهم، ولم يتم لحدود الساعة توقيف أي بائع لهاته المخدرات بالأوكار المذكورة، وكأن جميع الحملات التي تستهدف هاته الأماكن يتم تسريب توقيتها والأماكن المستهدفة!..

لنتحدث الآن عن المسؤوليات…
المصالح الأمنية تلقي باللائمة على من يمنح الترخيص، وهو اتهام مبطن للمجالس المنتخبة وللسلطة المحلية…
لكن بالتدقيق في تراخيص مقاهي الشيشة نجدها تتوفر على ترخيص لفتح مقهى فقط، وليس هناك ما يشير إلى أنها ستقدم الشيشة للزبناء!…
في هاته الحالة فإن المسؤولية تصير على عاتق المصالح الأمنية، فهي من تتحمل مسؤولية مراقبة الأماكن العمومية، وهي التي يجب أن تراقب مدى تقيد مسيري هاته المقاهي بمنع أفعال تتعارض مع الأخلاق العامة، فبالأحرى تعاطي المخدرات، والتحريض على الفساد، والسماح للقاصرات بارتياد هاته الأماكن!…
طنجة أصبحت مستباحة من طرف مافيا الشيشة، والأيام المقبلة ستعرف تناسلا خطيرا لهاته الأوكار بعد هدم ملاهي وكباريهات الكورنيش، و هاته الوضعية لم تكن لتصل إلى هذا الحد من التسيب لولا أن جهات تتواطأ مع هاته اللوبيات… الجميع يعلم أن مسيري هاته الأوكار يتوصلون بتوقيت الحملات قبل حتى انطلاقها!…
أمام خطورة الوضعية، حان الوقت لأن نشير بالأصبع إلى والي أمن المدينة لنطالبه بأن يتحمل كامل مسؤولياته في مراقبة ما يجري داخل هاته المقاهي/الأوكار…
نطلب منه فقط أن يحرص على عدم تحويل هاته الأماكن إلى:
فضاءات لتعاطي المخدرات،
و لاستقطاب القاصرات،
وللتشجيع على الفساد…
وهذا يدخل في صميم اختصاصاته…
نطلب منه أن يطبق القانون ولا شيئ غير القانون، وحينها لن يُقْدم أي شخص على الاستثمار في مقهى للشيشة، لأنه ببساطة سيصير مشروعا غير مربح…
وفي غياب هاته الإرادة سيبقى التساؤل مطروحا:
ما الذي يمنعكم من تطبيق القانون سيدي والي الأمن المحترم؟….