
محمد كويمن
كانت حصيلة شهر مارس من الجرائم مخيفة، بعد تسجيل مجموعة من حوادث الاعتداءات العنيفة المفضية للموت، آخرها جريمة قتل بحي الوردة، لقي فيها الضحية حتفه متأثرا بطعنة بالسلاح الأبيض، وقبلها قتل خياط بنفس أداة الجريمة على يد تلميذ بجوار دار التونسي بتراب مقاطعة بني مكادة، كما فارق الحياة أحد الأشخاص بطعنة سكين في شجار وقع بحي بوحوت، ولقي حارس للسيارات مصرعه حرقا داخل براكته بمنطقة العوامة، وهكذا في شهر واحد سقط أربعة قتلى لأسباب غالبا ما تكون تافهة، لكنها تعكس مقاربة العنف بالمجتمع.
وإلى جانب حوادث استعمال الأسلحة البيضاء، المنتشرة في المجتمع بشكل يدعو إلى الكثير من القلق، تعيش طنجة على إيقاع ازدهار تجارة المخدرات القوية، والتي لها علاقة مباشرة بالجريمة، أمام ارتفاع أعداد المتعاطين بالتزامن مع تزايد أعداد المروجين، وهي ظاهرة ليست غريبة على المدينة، لكن يبدو أن الأمر زاد عن حده، وحان الوقت للاعتراف بفشل الآلية المعتمدة للقضاء على هذه الآفة، في ظل استمرار تبادل الاتهامات بين الأطراف المعنية بتفعيل شعار المقاربة التشاركية، لتنزيل برامج تحمل حلولا واقعية من شأنها وقف هذا النزيف، والتخفيف من الضرر الحاصل على الأقل..
وبالنظر إلى حصيلة المحجوزات من الأقراص المخدرة، خلال التدخلات الأمنية لشهر مارس، والتي فاقت 10 آلاف قرص من مختلف الأنواع، إضافة إلى ضبط كميات متفرقة من الهيروين والكوكايين، يتبين حجم الخطر، الذي يتهدد أمن المدينة، باعتبار أن هناك شحنات كبيرة أخرى يتم ترويجها أمام أنظار الجميع، دون أن يتحمل كل طرف مسؤوليته، خاصة وأن المقاربة الأمنية لوحدها لا يمكن أن تحقق النتائج المطلوبة، ومع ذلك يبقى دورها أساسي في العمل على تجفيف ينابيع تجارة المخدرات القوية، من خلال التصدي للأباطرة الكبار، في سبيل وقف هذا الغزو على المجتمع الطنجي..
وكثيرا ما يتم الإعلان عن اتخاذ مجموعة من التدابير لمواجهة أخطار تفشي العنف وانتشار المخدرات القوية بين مختلف فئات المجتمع، من قبيل قيام السلطات المحلية بإحداث بعض المرافق الرياضية والمراكز الثقافية والاجتماعية، بدعوى توفير فضاءات لفائدة الشباب، من شأنها ملء الفراغ، الذي يساهم في تقريب قنوات الإدمان، إلا أن ما يعكسه المدة التصاعدي لظواهر الاعتداءات بالعنف وترويج الأقراص والغبرة، أضحى يفرض مراجعة سريعة للسياسة المعتمدة من طرف كافة القطاعات المعنية، والتعجيل بالبحث عن مكامن الخلل، فالوقت لم يعد يسمح بدق ناقوس الخطر، لأن ما يقع بمجتمعنا جعل الخطر يتبرأ من تهديداته، ويقرع جرس الإنذار، لعله يثير انتباه من يعنيهم الأمر دون استثناء..