أخبار سياسية

كويمن يكتب: البلطجة

الثلاثاء 11 يوليو 2017 - 12:37

كويمن يكتب: البلطجة

محمد كويمن

تفسر البلطجة، حسب الموسوعة الحرة ويكيبيديا، بأنها من أنواع “النشاط الإجرامي الذي يقوم صحابه بفرض سيطرته على فرد أو مجموعة، وإرهابهم وتخويفهم بالقوة عن طريق الاعتداء عليهم أو التنكيل بهم وأحياناً قتلهم لغرض السرقة أو قمع الرأي”، ويمارسها بلطجية كما يطلق عليهم في مصر، أو بلاطجة كما ينادونهم في اليمن، فيما يسمونهم في سوريا بالشبيحة.

وكلمة ( بلطجة ) هي لفظ دارج في العامية وليس لها أصل في العربية، وتعود إلى اللغة التركية،وقديما كان من يحمل البلطجة وهى آلة حادة لتقطيع الأشجار،يسمى بلطجي في تركيا، وكانت هناك فرقة في الجيش العثماني يطلق عليها البلطجية نظرا لحملهم البلاطي، ومع انحلال الدولة العثمانية انتشر الفساد بين الجنود فصار يرمز للشخص الفاسد بالبلطجي.

كما ارتبط مصطلح ( البلطجة ) و( البلطجية ) بنشاط ما يعرف عند المصريين ب “الفُتُوّات”، قبل أن تبرز البلطجة كمصطلح سياسي في أحداث الثورة المصرية سنة 2011، حين كانت السلطة تدخل مندسين موالين للنظام إلى صفوف المحتجين في ميدان التحرير والمسيرات الشعبية.

ومن خلال هذا التفسير لأصل البلطجة، فإن هذا المصطلح يبقى دخيلا على المجتمع المغربي، ومع ذلك صار مؤخرا الأكثر تداولا بين الناس، وموضوع نقاشهم حول دواعي توظيف نفس الأساليب، التي حصدت نتائج عكسية، كشفت عنها كوابيس الربيع العربي، في مواجهة احتجاجات الشارع، فمن له المصلحة في تبني ظاهرة البلطجة بشكل رسمي وإضفاء عليها صفة الاستثناء المغربي؟.

لكن يبدو أن البلطجة في بلادنا تجاوزت مفهومها الأصلي، حين صرنا نعاني من بلطجة الحوار، بعدما “تبطلج” الجميع في طريقة تعبيرهم عن آرائهم ومواقفهم، وتأثرت المطالب الاجتماعية العادية بالبلطجة، في لحظة اختيار صعبة بين العصا والجزرة، تحولت إلى فرصة لتبادل تهم البلطجة، بنسب متفاوتة، وكل رأي مخالف يعني مشروع بلطجي في الطريق من وجهة نظر أصحاب الرأي الآخر، وهنا تحول خطر ممارسة البلطجة كقوة بدنية من شأنها التضييق على احتجاجات الشارع، إلى خطر أكبر يتثمل في إنتاج أفكار “مبلطجة”، تجاوزت في بعض 

الأحيان سقف المطالب المشروعة، وساهمت في تكريس أزمة الثقة أكثر وأكثر، في انتظار تجاوب سلمي يرجح منطق العقل والحكمة في تجاوز نقط الخلاف الطبيعية، وإنهاء كل مظاهر البلطجة المسيئة للوطن أولا وأخيرا.