أخبار سياسية

هل تبتز إسرائيل المملكة؟.. اعتراف بمغربية الصحراء مقابل استضافة “قمة النقب”

الخميس 6 يوليو 2023 - 08:34

هل تبتز إسرائيل المملكة؟.. اعتراف بمغربية الصحراء مقابل استضافة “قمة النقب”

بعد أن قرر المغرب تأجيل عقد القمة الثانية للنقب، وذلك بسبب “عدم توفر الشروط السياسية اللازمة لتحقيق النتائج المرجوة”، وفقًا لتصريح وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في نهاية الشهر الماضي، قام وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، يوم الاثنين، بربط اعتراف تل أبيب بمغربية الصحراء بتنظيم المملكة القمة على أراضيها.

جاءت تصريحات المسؤول الإسرائيلي في وقت تزامن مع بدء الدولة العبرية عملية عسكرية في مدينة الجنين، والتي وصفت بأنها الأكبر من نوعها في أكثر من 20 عامًا، بهدف “القضاء على بؤر الإرهاب”، وفقًا للمتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، ونتج عنها مقتل 10 فلسطينيين وتهجير 3000 شخص حتى كتابة هذه الكلمات. وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء أن “العملية ستستمر حتى يتم تحقيق الضرورة اللازمة، ولن تكون عملية واحدة فقط”.

من جهتهم يرى محللون أن إسرائيل تحاول ابتزاز المغرب بقضية وحدته الترابية من أجل التخفيف من حدة انتقاده للممارسات الإسرائيلية، التي سبق له مرارا وتكرارا أن ندد بها وعبر عن رفضه لها، بل وكانت سببا في تأجيله قمة النقب لأكثر من مرة. كما ندد وزير الخارجية، ناصر بوريطة، أمس الثلاثاء، خلال لقاء جمعه بنظيره العماني، بـ”الهجمات الإسرائيلية بجنين”، معتبرا أن “الوضع الحالي خطير جدا ويهدد ما تبقى من سلام ضئيل في المنطقة”.

ابتزاز إسرائيلي ووضوح مغربي

تعليقا على الموضوع ذاته قال هشام معتضد، باحث في العلاقات الدولية، إن “إسرائيل تحاول ممارسة نوع من الضغط التكتيكي سياسيا على المغرب من أجل جس نبضه السياسي تجاه القضية الفلسطينية، لذلك فهي تحاول دائما أن تروج إعلاميا لاستعدادها الاعتراف بمغربية الصحراء، في وقت تقوم فيه بشن هجمات عسكرية على الفلسطينيين أو ممارستها الاستيطان في الأراضي الفلسطينية”.

وأضاف المتحدث عينه أن “الابتزاز السياسي الذي تحاول القيادة الإسرائيلية تَبَنِّيه تجاه الرباط هو نوع من المساومة الدبلوماسية، بحثا عن مرونة سياسية في المواقف المغربية تجاه القضية الفلسطينية، لذلك فهي تسعى دائما إلى إخراج ورقة الاعتراف بمغربية الصحراء تزامنًا مع الخروقات التي تمارسها على الفلسطينيين”.

“السياسة الخارجية للمغرب كانت دائما واضحة تجاه الفلسطينيين، وملف القضية الفلسطينية لا يندرج في خانة المواقف الظرفية بالنسبة للرباط”، يضيف معتضد، موضحا أن “القيادة المغربية تعتبر دائمًا الدفاع عن فلسطين وحقوق الفلسطينيين مبدأ من مبادئ سياستها الخارجية، ولا يمكن أن تتاجر به على حساب أي موقف سياسي، لأن قيم الدبلوماسية المغربية كانت دائمًا قائمة على نصرة القضايا العادلة بعيدًا عن الحسابات الضيقة”.

وتابع الباحث ذاته بأن “محاولة القيادة في تل أبيب ممارسة الانتهازية السياسية في بناء علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط لن تفلح أبدا في بلوغ أهدافها الإستراتيجية، لأن المغرب كان واضحا منذ قراره استئناف علاقاته مع إسرائيل في ضرورة احترام توجهاته السيادية ورؤيته السياسية في ما يخص سياسته الخارجية تجاه القضية الفلسطينية”، وزاد: “إسرائيل غير قادرة بعد على استيعاب مكانة القضية الفلسطينية في التركيبة الثقافية للدبلوماسية المغربية، وبالتالي فهي مستمرة في بناء تكتيك سياسي مجانب للواقعية السياسية والبراغماتية الدبلوماسية التي تؤهلها للمضي قدمًا في بناء علاقات متينة مع المملكة المغربية”.

وخلص معتضد إلى أن “السلطات الإسرائيلية مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بتخطي رؤيتها التقليدية في التعامل السياسي مع المغرب، والعمل جديًا على فهم رؤيته وقيم سياسته الخارجية، إن كانت فعلا جادة في تحقيق تطور دبلوماسي وسياسي في علاقاتها الخارجية مع الرباط”.

إرادة سياسية وتوقيت غير ملائم

من جهتها علقت، علينات ليفي، الباحثة في معهد “متيفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، على تصريحات إيلي كوهين بالقول: “إن هذه مسألة سياسية رفيعة المستوى، تتم مناقشتها على الأرجح بعيدا عن الأضواء، وأعتقد أنه يجب أن تبقى على هذا النحو”، مضيفة أنه “من الواضح أن هناك إرادة سياسية قوية لدى القادة وصناع القرار الإسرائيليين للاعتراف بمغربية الأقاليم الصحراوية، فضلاً عن وجود دعم قوي في أوساط المجتمع الإسرائيلي لهذا القرار”.

وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول مستقبل قمة النقب في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير في الأراضي الفلسطينية، أوردت المتحدثة ذاتها أن “القمة هي احتفال بالتقارب الإقليمي ومتعدد الأطراف، ولا يمكن لأي احتفالية أن تحقق أبعادها في خضم أي نزاع مسلح”.

وواصلت الباحثة بأن “البيئة والروح اللتين تتطور فيهما الأحداث التاريخية لهما الأهمية نفسها التي لهذه الأحداث، وعليه فإن عقد قمة النقب مهم جدًا للحكومة الإسرائيلية، لأنها تعزز اتفاقيات أبراهام وتحافظ على استمراريتها، كما ستساهم في اندماج إسرائيل في المنطقة”.

“لكن في نهاية المطاف تحتاج الدول مثل البشر إلى الشعور بالانتماء”، تقول علينات، مضيفة في ما يتعلق بالوضع الحالي: “إن أفضل ما يجسده هو كلام للملك الراحل الحسن الثاني قال فيه ذات مرة، إن: الدبلوماسية مثل الزراعة، إذا قطفت فاكهة في وقت مبكر على أوانها فإنها لن تكون نضجت بعد، وإذا قطفتها بعد فترة من نضجها فلن يمكن تناولها، ومن هنا فإن توقيت قطف الثمرة مهم”.