أخبار وطنية

الأمن السيبراني بالمغرب: بين تصاعد التهديدات وتعزيز الاستراتيجية الوطنية نحو 2030

السبت 10 مايو 2025 - 11:02

الأمن السيبراني بالمغرب: بين تصاعد التهديدات وتعزيز الاستراتيجية الوطنية نحو 2030

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة نقاشاً واسعاً حول مدى فعالية منظومته في مجال الأمن الرقمي، وذلك في أعقاب الهجمات السيبرانية التي طالت قاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. هذه الهجمات مكّنت من الوصول غير المشروع إلى بيانات شخصية تخص ما يقارب مليوني أجير ومستخدم، موزعين على حوالي 500 ألف مؤسسة ومقاولة عبر التراب الوطني.

وقد أثارت هذه التطورات قلقاً واسعاً، ما دفع عدداً من المؤسسات الوطنية إلى تفعيل إجراءات وقائية صارمة، شملت تعطيل الوصول إلى قواعد بياناتها وحجب بعض مواقعها الإلكترونية. غير أن هذه التدابير لم تُنهِ الجدل، بل زادت من حدة التساؤلات حول نجاعة الاستراتيجية الوطنية التي يعتمدها المغرب لضمان الأمن السيبراني.

في هذا السياق، تلتزم مختلف الجهات الوطنية بتطبيق مضامين الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في أفق 2030، التي تشرف عليها المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني. وقد نُشر نص هذه الاستراتيجية في أكتوبر 2024، متضمناً أربعة محاور رئيسية و11 هدفاً، يجري تنفيذها من خلال 26 مبادرة مختلفة.

وتركز الاستراتيجية على تطوير آليات التنسيق بين الهيئات المختصة، وتحسين تبادل المعلومات بين الأطراف المعنية بحماية البنى التحتية الحيوية، فضلاً عن تقوية التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات السيبرانية، مع إشراك القطاع الخاص في جهود التأمين الرقمي.

كما تشمل الخطة تحديث الإطار القانوني المتعلق بالأمن السيبراني، من خلال مراجعة التشريعات وتفعيلها على المستوى القطاعي، إلى جانب تحيين خريطة البنى التحتية الحيوية وتعزيز مراقبتها والتأكد من امتثالها للمعايير الأمنية، مع رفع جاهزية مزودي خدمات الاتصال والخدمات الرقمية.

وتهتم الاستراتيجية بشكل خاص بمحور التكوين والتشغيل، حيث تدعو إلى تطوير المناهج التعليمية في مجال الأمن السيبراني داخل الجامعات ومراكز التكوين المهني، وتشجيع الحصول على الشهادات المهنية المعتمدة، ومواءمة برامج التكوين مع حاجيات سوق العمل.

كما تتضمن الاستراتيجية برامج موجهة للتوعية بالمخاطر الرقمية، سواء لفائدة الأفراد أو المؤسسات، مع إدماج وحدات خاصة بالأمن السيبراني ضمن المناهج الدراسية، إلى جانب دعم البحث العلمي والابتكار في هذا المجال.

وتولي الاستراتيجية كذلك أهمية كبرى لتقوية التعاون الدولي، عبر تبادل المعلومات والخبرات والمشاركة الفاعلة في المحافل ذات الصلة.

تأتي هذه الجهود في وقت تشهد فيه المملكة ارتفاعاً ملحوظاً في مستوى التهديدات الرقمية، حيث تم تسجيل ما يقارب 12.6 مليون محاولة هجوم سيبراني خلال سنة 2024، بحسب تقارير متخصصة، وذلك تزامناً مع تسارع عملية الرقمنة التي تنفذها الإدارات والمؤسسات العمومية في إطار “استراتيجية المغرب الرقمي 2030”.