
طنجاوي
مع قرب الاستحقاقات الانتخابية، المزمع تنظيمها يوم 4 شتنبر المقبل، بدأ التساؤل يطرح بقوة حول مصير تحالف الحكامة الجيدة، المكون من البام والأحرار والاتحاد الدستوري، الذي تم بموجبه تسمية فؤاد العماري عمدة لمدينة طنجة. فالمؤشرات البادية للعيان تفيد بكون هذا التحالف لم يعد متراصا مثلما انطلق، وأن بوادر التصدع بدأت في الظهور…
قادة الأحزاب الثلاث بمدينة طنجة شرعت في سباق جنوني من أجل استقطاب كبار اللاعبين، ممن يتوفرون على قاعدة انتخابية قارة، بهدف تقوية دعائم قوائمها الانتخابية، وكل واحد من هؤلاء الزعماء ينصب الفخاخ للآخرين من أجل تصيد واستقطاب هذا اللاعب أو ذاك…
البام بقيادة العمدة العماري، يجد نفسه في وضعية حرجة، فهو من قاد تجربة تسيير المدينة، ولذلك فهو مطالب بتحقيق نتائج قوية، ليظهر بمظهر الحزب القوي، وليحافظ على حقه المكتسب في عمودية المدينة، ولذلك لن يرض بغير منافسة العدالة والتنمية على المنصب الأول. غير أن البام فشل في استثمار فترة تسيير شؤون المدينة لتعزيز حضور الحزب انتخابيا، وهو اليوم لا خيار له إلا استقطاب بعض الأسماء التي ارتبطت بالحزبين الحليفين له. فبعد أن حسم في استقطاب محمد الحمامي رئيس مقاطعة بني مكادة لقيادة لائحة البام هناك، كان يراهن على استقطاب عبد العزيز بن عزوز وعبد النبي مورو، الغاضبين من أسلوب تدبير محمد بوهريز لشؤون حزب التجمع الوطني للأحرار، حيث كان البام يسعى إلى إقناع هذين الإسمين لتعزيز قائمة العماري بمغوغة، لكنه فشل في ذلك. بالمقابل فإن خيوط الاتصال لا زالت مفتوحة مع رضوان الزين لتعزيز صفوفه بالسواني، خاصة وأن هذا الأخير لم يعد مقتنعا بالاستمرار في صفوف التجمع، كما أن اتصالات البام مع الحاج أقبيب، المنتم للاتحاد الدستوري، وصلت مرحلة متقدمة، حيث يرجح أن يقود أقبيب لائحة البام بالمدينة، بعدما تحصلت القناعة لدى قادة البام بعدم قدرة حفيظ الشركي على تحقيق النتائج التي يراهن عليها حزب التراكتور بمقاطعة المدينة.
أما محمد الزموري، فيبدو مسكونا برد الصفعة التي وجهها له محمد بوهريز عشية تشريعيات 2011، حينما نجح هذا الأخير في استقطاب يونس الشرقاوي لدعم قائمة التجمع، وهي العملية التي أفقدت الزموري حظوظه في الظفر بمقعد برلماني، قبل أن ينجح في الانتخابات الجزئية، ولذلك فالزموري يراهن على إقناع بنعزوز ومورو لقيادة قائمة الاتحاد الدستوري بمغوغة، ليرد صفعته من جهة، وليعزز صفوفه بمقاطعة يبقى حضوره بها ضعيفا.
بينما وضعية بوهريز تبقى الأكثر إحراجا، حيث يراهن حزبا البام والاتحاد الدستوري على استغلال الأخطاء القاتلة، التي راكمها بوهريز منذ الانتخابات البرلمانية لسنة 2011، وإذا لم ينجح في إعادة ترميم صفوفه سيكون أكبر متضرر في الاستحقاقات المقبلة، خصوصا وأنه كان قد حقق المرتبة الأولى متفوقا على العدالة والتنمية في انتخابات 2009.
وإن كان العديد من المقربين لمحمد بوهريز يؤكدون على قدرته في إعادة تقوية صفوفه، وأنه يباشر اتصالات سرية مع بعض الغاضبين بحزبي البام والاتحاد الدستوري، بهدف تعزيز قوائم الحمامة.
المثير في هذا الموضوع كله، أن هاته الأحزاب الثلاث، هي التي شكلت الأغلبية المسيرة لمجلس المدينة منذ 2010، وعوض أن تستغل موقعها في دواليب التسيير، نجدها اليوم وقد دخلت في حروب داخلية لاستقطاب لاعبين من نفس المكونات، وهو مؤشر على فشل ذريع لهاته الأحزاب في تقوية نفوذها التنظيمي والانتخابي بالمدينة. مما يوحي بتصدع وشيك لهذا التحالف، ستكون له ولا شك تداعيات حول مآل التحالفات عقب انتخابات شتنبر 2015.
ومن مكر الصدف أن البشير العبدلاوي الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية، كان قد تنبأ بقرب انهيار هذا التحالف، في آخر دورات مجلس المدينة، مستندا في نبوءته على كون الطموحات المتناقضة لكل طرف لن تسمح باستمراره، بل ستكون عاملا مفجرا له. ويبدو أن نبوءة العبدلاوي بدأت تجد طريقها على أرض الواقع…