
محمد كويمن
ربما تكون صدفة، لكنها خير من الدنيا وما فيها، حين تم في شهر واحد، نونبر الجاري، تمكين ساكنة طنجة ونواحيها، من وسائل النقل بالمجان، فقط يشترط على الراغبين في الاستفادة منها أن يكونوا من الأموات، وهكذا بإمكان الذين حرموا من الخدمات العمومية في حياتهم، نيل نصيبهم منها بعد مماتهم، وذلك أضعف الإيمان، وإن كان السكان يتساءلون في كل مرة، لماذا لا يضعف إيمان المسؤولين عندما يتعلق الأمر بتعبئة أرصدة مصالحهم الدنيوية طبعا؟.
وخلال هذا الشهر “الميت”، قام مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة بتوزيع 8 سيارات مخصصة لنقل الأموات، ستكون رهن إشارة ساكنة الجهة بأقاليمها الثمانية، والمطلوب في إطار تنافس هذه الأقاليم على تحقيق التنمية الجهوية، تقديم حصيلة عمل كل سيارة، وهو ما يفرض على كل إقليم نقل أكبر عدد من أموات ساكنته ليكون في طليعة الملتزمين بالحكامة الجيدة..
وبدوره اختار مجلس عمالة طنجة أصيلة، شهر نونبر الجاري، ليصادق على اتفاقية شراكة مع جماعة حجر النحل من أجل اقتناء سيارة لنقل الأموات، لفائدة ساكنة جماعات سبت الزيانت والعوامة والمنزلة ودار الشاوي إضافة لحجر النحل، كما تم التوقيع على اتفاقية أخرى مع جماعة سيدي اليماني لتمكينها إلى جانب ساكنة جماعات الساحل الشمالي وأقواس برييش، من الاستفادة من نقل الأموات من وإلى عمالة طنجة أصيلة وكذا داخل النفوذ الترابي لهذه العمالة.
وبهذا تكون طنجة ونواحيها مؤمنة من ناحية نقل أمواتها، وما على السكان إلا الافتخار بمنتخبيهم، الذين يعملون جاهدين من أجل توفير كل الظروف المناسبة للإسراع بنقلهم إلى المقابر مجانا، ولعله الحل المناسب أمام صعوبة تمكينهم من سيارات مجهزة بمعدات الإسعافات الأولية المستعجلة ومراكز الاستشفاء، لأن الأعمار بيد الله..
والملاحظ أن جماعة طنجة لم تنخرط في هذه العملية، من أجل تعزيز أسطول نقل الأموات بمقاطعاتها الأربعة، وربما لم تعثر على سيارات من نوع سكودا كتلك المخصصة لنواب الرئيس، وقد يكون المجلس الجماعي مقبل على تفويت هذا المرفق وإطلاق عروض خاصة بالتدبير المفوض لنقل أموات ساكنة طنجة، بعدما شرع في تفويت مجموعة من اختصاصاته، في انتظار إنجاز مشروع المقبرة النموذجية بمنطقة الرهراه، الذي مر على الإعلان عنه حوالي ست سنوات، بعد إغلاق مقبرة مرشان، وتجاوز الطاقة الاستيعابية لمقبرة المجاهدين، دون الاستجابة لحد الآن لمطلب توفير مقبرة لائقة لدفن أموات طنجة الكبرى..