
محمد العمراني
طنجة اليوم تنمو في كل الاتجاهات، وعلى جميع المستويات بسرعة جنونية، العشوائيات تلتهم عشرات الهكتارات، آلاف المواطنين يفدون إليها سنويا، من مختلف مدن المملكة، بحثا عن الشغل، أو للعبور نحو الضفة الأخرى، والنتيجة صعوبة في مواكبة هذا التمدد السرطاني، بما يترتب عن ذلك من استفحال العديد من الظواهر الإجرامية، من السرقة وتعاطي المخدرات، إلى جرائم القتل التي تكون مروعة في بعض الحالات.
ما من شك في أن جهاز الشرطة بمدينة طنجة في حاجة إلى تطوير أدائه، إن على مستوى الموارد البشرية، أو على مستوى الإمكانيات اللوجستيكية، في ظل هذا التوسع العمراني والبشري الذي تعرفه المدينة.
وعموما يجب الإقرار أنه ليس بالمقاربة الأمنية وحدها سيتم محاربة الجريمة، بل يجب على الحكومة أن تضع استراتيجية متكاملة تجمع بين البعد التنموي، وتوفير الإمكانيات للرفع من مردودية الأجهزة الأمنية.
على حكومة بنكيران أن تتخلى عن سياستها التقشفية، فالمواطن لم يعد يقبل أن يتم تفكيك صندوق المقاصة، بما يكلفه ذلك من استنزاف لقدرته الشرائية، دون أن يترتب عنه تحسين الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها توفير الأمن العمومي للمواطنين. وهذا يستوجب منها وضع الإمكانيات المالية الكافية رهن المديرية العامة للأمن الوطني، لتمكينها من شروط تسريع تنزيل مقاربتها الأمنية، التي شرعت في تطبيقها منذ عدة أسابيع، والتي بدأت تؤتي أكلها. مثلما يفترض من الحكومة أيضا اتخاذ إجراءات عملية لتحريك عجلة النمو الاقتصادي، الكفيل بخلق فرص الشغل، والتخفيف من حدة الإقصاء الاجتماعي…
وعلى غرار باقي مدن المملكة، واهم من يعتقد أنه برجال الشرطة وحدهم يمكن محاصرة الجريمة بطنجة، دون التغاضي على دورهم المحوري، فالمدينة اليوم في حاجة إلى انخراط الجميع، منتخبين وإدارة ترابية، في إقرار عدالة تنموية، تسعى إلى تحسين شروط عيش الساكنة، وتأهيل المناطق التي تفتقد لأبسط مقومات العيش الكريم، وتوفير بنيات استقبال توفر الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، من مرافق وبنيات تحتية، مثلما عليها أن تبدع في تحريك عجلة الاقتصاد بالمدينة، لامتصاص الارتفاع المفرط للبطالة.
وإذا كان الإحساس بغياب الأمن في شوارع المدينة تغذيه من حين لآخر بعض الجرائم المروعة، فإنه لا ينبغي أن يكون مطية لتمرير دعاوى تطبيق شرع اليد عوض الاحتكام للقضاء، وهو ما عبر عنه العديد من مشيعي جنازة الراحل “سعيد الغري” عند مطالبتهم بالقصاص من الجناة، بل هناك من طالب بتسليمهم للمواطنين لإعدامهم في الشارع العام، وهو الأمر الذي لا يمكن القبول بشرعنته تحت أي مسوغ كان، لأنه ببساطة سيقودنا إلى الفوضى…
المطالبة بتوفير الأمن لا يستقيم والدعوة لتجاوز المؤسسات الموكول لها أمر السهر عليه، أمنية و قضائية، بل يستوجب تعزيز دور هاته المؤسسات، وإصلاح ما تعانيه من أعطاب.