أخبار من الصحراء

العبرة بالسلطة

الأحد 19 يونيو 2016 - 17:51

العبرة بالسلطة

محمد كويمن العمارتي*

يمكن الاعتراف أن السلطة نجحت إلى حد كبير في تنفيذ مخططها، بوصولها إلى نقطة النهاية، التي حددتها لسوق بني مكادة، بل ما حققته فاق توقعاتها، حين صارت محلات هذا السوق حطاما في أيام معدودات، واستسلم أصحابها لقرار الترحيل دون قيد أو شرط، بعدما وضعوا “ثقتهم” في السلطة، و”اقتنعوا” بأنها أدرى بمصالحهم، ولعلهم كانوا يغفلون ذلك في البداية، إذ اعتقدوا أن المجلس الجماعي سيحمي مصالحهم، قبل أن يكتشفوا بأن الجماعة بدورها تبحث عن مصالحها مع السلطة، وبالتالي تبين لهم أن “المخزن” هو صاحب “الكرامات”، وطلبوا “التسليم” من “أصحاب الحال“.

وإذا كانت السلطة قد أفلحت في إخراج شوكة سوق بني مكادة بدون دم، باعتبار أن تلك المنطقة ظلت دائما تشكل بؤرة توتر قابلة للانفجار في أي لحظة، أو على الأقل هذا ما يقال عنها رسميا وشعبيا، فإن الجماعة احتفظت بالشوكة في حلقها، بعدما كان النجاح حليف السلطة على حساب طموحات أهل الانتخابات، وما أكثر الأشواك حين تعدها بفتوحات السلطة في تدبير الشأن المحلي لطنجة الكبرى.
ومع ذلك يمكن القول أن السلطة سلكت طريق المغامرة، حين اقتحمت منطقة حساسة ببني مكادة، وأصرت على تنفيذ مخططها دون أن تستسلم لعبارة صعوبة التنفيذ، التي تعتمدها في حالات الهروب من المواجهة ولو تطلب الأمر تنفيذ حكم قضائي، في الوقت الذي ظل يترقب المجلس الجماعي النتيجة النهائية، بالرغم من مشاركته في الخطة كطرف أساسي في إصدار كافة القرارات المعنية بمحو آثار هذا السوق، وقد كان من الصعب التكهن بردة فعل “المتضررين” بغض النظر عن طريقة تعويضهم وكيفية موافقتهم عليها ومدى نسبة الاستجابة لمطالبهم، خاصة وأن المنطقة المستهدفة ظلت مسرحا لأحداث عنف عديدة، كان أبطالها إما من “السلفيين” أو من المروجين للمخدرات القوية، كما كانت ساحة تافيلالت تشكل دائما شرارة انطلاق مجموعة من المظاهرات الاحتجاجية، وهذا ما يجعل السلطة في موقف حرج بالرغم من “تفوقها” في اختبار سوق بني مكادة، أمام دورها في تكريس “هيبة” الدولة، حين تغاضت طيلة فترات طويلة عن تفشي مختلف مظاهر الفوضى بتلك المنطقة باعتماد مقاربة أمنية محضة، بدعوى تفاديها لأي احتكاك، قبل أن يتبين أن السلطة تتحكم أصلا في الاحتكاك، بيدها الحل في فرض ما ترغب فيه وقت ما تشاء، وفي ذلك عبرة لمن لا يعتبر، وفي نهاية المطاف تبقى العبرة الحقيقية بالسلطة قبل الخواتم..

     *عن أسبوعية “لاكرونيك”