
محمد كويمن العمارتي٭
عكس ما يقال دائما حول عدم اهتمام الشباب بالسياسة، وعدم مواكبتهم للقضايا الراهنة المطروحة على الساحة الوطنية، فقد فاجأ مجموعة من التلاميذ ينتمون لمؤسسات التعليم العمومي بمختلف الجهات، كل من تابعهم خلال مشاركتهم في المسابقة النهائية لمنافسات المناظرات، التي احتضنها بيت الصحافة مؤخرا، ضمن برنامج صوت الشباب المغربي، من تنظيم جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، حين أبانوا (التلاميذ المشاركين) عن قدرات عالية ومستوى راق في إدارة النقاش بلغة فصيحة، حول مواضيع تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، من قبيل الحق في التظاهر بالشارع العام و التوظيفات المباشرة..، من خلال محاولة كل طرف (في إطار السباق) الدفاع عن أفكاره وتقديم كل الحجج القانونية والدلائل المرجعية في محاولة لإقناع الآخر بما هو مقتنع به أصلا، والجميل في الأمر أن حدة النقاش بين التلاميذ لم تفيد ودهم لهذه القضية، المتعلقة أساسا باكتساب ثقتهم في أنفسهم عبر اعتماد الحوار كقاعدة لحل أي خلاف، مع إيمانهم بالحق في الاختلاف واحترام الغير مهما تباعدت وجهات النظر.
والملاحظ أن هذا الملتقى يندرج ضمن برنامج لإسماع صوت الشباب، يشمل مجموعة من الدول العربية، و يحضى بدعم الخارجية البريطانية، وبغض النظر إن كانت هناك مرامي باطنية خلف هذا الدعم، فإن مثل هاته الأنشطة لا نجدها في بلادنا بين أولويات اهتمامات الحكومة والدكاكين الحزبية، ليبقى الإيجابي في هذه المسابقة هو اكتشاف طاقات مغربية شابة من مختلف المدن، حين تقف أمام تلاميذ صغار يناقشون بطلاقة قضايا من الحجم الكبير، غالبا ما تجد “الطبقة السياسية” صعوبة في تداولها أمام الرأي العام، فبالأحرى إقناعه بمواقفها، فالمشكل الحقيقي ليس في إقناع الشباب بالمشاركة في الانتخابات، بل في إعطائهم الفرصة لعبروا عن قناعتهم، ويفسح لهم المجال لإبداء أرائهم، أما استمرار ربط العزوف بالأجندة الانتخابية، في ظل تراجع دور الأحزاب السياسية عن تأطير مجتمع عماده الشباب، بعدما أضحى الفاعل السياسي كائن انتخابي، يفارق السياسة بمجرد فراقه للمقعد الانتخابي، فيما الشباب يترقبون فرصتهم لإسماع صوتهم وإشراكهم في مناقشة قضايا وطنهم دون هواجس انتخابية، فقط من أجل هذا الوطن، قبل فوات الأوان.
٭أسبوعية لاكرونيك