
محمد العمراني
في وقت تتوالي المشاكل والنكبات على مدينة طنجة، ينتصب سؤال عريض حول الدور الذي يعلبه ممثلو الساكنة، بأغلبيتهم ومعارضتهم، الذين تسابقوا على التقدم للانتخابات يوم 4 شتنبر الماضي، وحازوا على ثقة الناخبين؟!…
طنجة تئن تحت وطأة الإجرام، خاصة السرقة والنشل بأهم شوارع المدينة، ناهيك عن أحيائها الشعبية، وانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات الصلبة والأقراص المهلوسة، كل ذلك “على عينك يا بن عدي”، ولا من يحرك ساكنا…
طنجة تختنق بسبب الأزمة القاتلة التي تجتازها العديد من القطاعات، وفي مقدمتها قطاع العقار والبناء، الذي يعد المحرك الأول للدورة الاقتصادية بالمدينة، باعتباره قاطرة تجر العديد من المهن المرتبطة بالبناء من نِجارة، وحِدادة، وترصيص…
طنجة منكوبة صحيا، فالمستشفى العمومي الأول بالمدينة، والذي يعتبر أكبر مؤسسة استشفائية عمومية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، صار أشبه بساحة حرب حقيقية، الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود…
مؤسسة تفتقد لأدنى الشروط الواجب توفرها في مركز يؤدي خدمة استشفائية وعلاجية للمواطنين…
الوضع التعليمي بالمدينة كارثي…
يكفي القيام بجولة على معظم مؤسسات التعليم العمومي بمختلف مستوياته، الابتدائي، الإعدادي ثم الثانوي، للوقوف على هول المأساة…
مؤسسات تفتقد للمراحيض..
مؤسسات تعرف اكتضاضا مهولا، يتجاوز في بعض الحالات 60 تلميذ وتلميذة داخل القسم الواحد…
تلاميذ إلى حدود اليوم لم يتمكنوا من دراسة بعض المواد، خصوصا الرياضيات واللغة الفرنسية، إلى درجة أن بعض المديرين اضطروا لمنح التلاميذ نقطا جزافية لمداراة الفضيحة…
طنجة لا تكاد تجد فيها إدارة عمومية لا يعاني فيها المواطنون الأمرين، وكل من أراد تفادي صراط “سير واجي”، عليه أن يكون مسنودا إما ب “ركيزة صحيحة” أو على جيبه…
طنجة تعيش على إيقاع فوضى عارمة..
الفراشة يسيطرون على الأرصفة، ويحتلون الفضاءات العامة في تحد للجميع…
المقاهي والمطاعم والمتاجر تحتل الملك العام أمام أعين سلطات المدينة، المنتخبة منها والترابية، وكأن طنجة تعيش خارج القانون…
هذا دون الحديث عن معاناة الساكنة مع أمانديس، و مع غياب الإنارة العمومية، ومع النقل العمومي، والنظافة…
أمام كل هاته المصائب التي تئن تحت وطأتها مدينة طنجة، وكل هذا العذاب الذي يعانيه الساكنة، من حقنا أن نطرح سؤالا عريضا حول دور ممثلي الساكنة، الذين قدموا أنفسهم قبل أشهر إلى ساكنة المدينة، طالبين منهم أصواتهم للدفاع عنهم، وإيجاد الحلول لمشاكلهم…
الانتخابات مرت، والناخبون أدلوا بأصواتهم، وتم تشكيل مجلس المدينة ومجالس المقاطعات…
وماذا بعد؟…
الأغلبية والمعارضة لا يكاد يسمع المواطن صوتها، الجميع بلع لسانه، ولم يعد أحد يهتم بطرح مشاكل المدينة الحقيقية…
ومن يعتبر هذا الحكم مجانب للصواب عليه أن يقدم لنا أجوبة على التساؤلات التالية:
ما هي المبادرات التي قام بها مجلس المدينة ومجالس المقاطعات لتنبيه المسؤولين إلى خطورة تفشي الإجرام، وانتشار تعاطي المخدرات بكل أنواعها؟..
ما هي الخطوات التي قام بها المجلس لدى الحكومة، والإدارة الترابية لتحريك عجلة بعض القطاعات الاقتصادية، وبصفة خاصة قطاع البناء والعقار، إذ ما الذي يمنع مثلا مجلس المدينة من فتح نقاش مع كل من يهمه الأمر لفسح المجال أمام التجزئات الاقتصادية لتشجيع المنعشين العقاريين، وتحريك الدورة الاقتصادية بالمدينة؟..
ما هي التدابير التي اتخذها مجلس المدينة للتخفيف من معاناة المواطنين بمستشفى محمد الخامس وغير من المؤسسات الاستشفائية العمومية بطنجة؟…
ما هي المبادرات التي قام بها مجلس المدينة تجاه وزارة التعليم لحثها على معالجة العديد من الأعطاب التي تنخر المدرسة العمومية بطنجة؟…
إلى غير ذلك من المبادرات والتدابير والخطوات التي كان يفترض القيام بها من طرف كل هؤلاء الذين يتبجحون بكونهم يحملون صفة ممثل للساكنة..
من له جواب عليه أن يرشدنا إليه، لعلنا علي غير علم بما قام به منتخبو طنجة…
الحقيقة التي لا يمكن حجبها بالغربال، أن مجلس مدينة طنجة ومجالس مقاطعاتها اليوم، بالأغلبية التي تسهر على تدبير شؤونها، وبالمعارضة التي يفترض أنها تقوم بدور الرقيب، استقالت من مهامها، وأثبتت على أرض الواقع أنها عاجزة عن مباشرة المشاكل الحقيقية للمواطنين…
ممثلو الساكنة انساقوا اليوم إلى إعطاء الأولوية لكل ما هو انتخابي، فجميع المبادرات، وجميع الخطوات التي يتم القيام بها، من كلا المعسكرين، محكومة بهاجس انتخابي ضيق..
الأغلبية والمعارضة غير مستعدة لتحمل مسؤولياتها في طرح المشاكل الحقيقية لساكنة طنجة، مع ما يكلفه الأمر من تضحيات، قد تضعه في موقع المواجهة المباشرة مع من يتحمل مسؤولية إغراق طنجة في كل هاته المصائب…
والخلاصة…
طنجة تختنق…
وساكنتها فوق برميل بارود أوشك على الانفجار…
وحينها لن يفرق الحريق بين المتسبب فيه وبين المتستر عليه…