أخبار من الصحراء

كويمن يكتب : الورقة الحمراء

الأحد 27 مايو 2018 - 15:55

كويمن يكتب : الورقة الحمراء

محمد كويمن

“لا يجوز للرئيس طرد أي عضو من أعضاء المجلس من الجلسة غير أنه يمكن للمجلس أن يقرر، دون مناقشة، بأغلبية الأعضاء الحاضرين طرد كل عضو من الجلسة يخل بالنظام ويعرقل أشغال المجلس ولا يلتزم بمقتضيات القانون والنظام الداخلي”، هذا هو النص، الذي اعتمده عمدة طنجة لممارسة اختصاصاته والدفاع عن حقوقه، حين أقدم على طرد أحد أعضاء مجلسه، بعدما اعتبر ما قام به ذلك المستشار يسيئ إلى الرئيس ويقلل من احترامه، وطبعا بما أن السيد العمدة المحترم يتوفر على الأغلبية المطلقة، فقد تم التصويت على قرار طرد العضو المعني في أقل من دقيقة، وهي أسرع عملية تصويت في تاريخ المجلس الجماعي لطنجة، وهكذا اكتشف العالم الدور المهم للأغلبية المريحة، علما أن محطات عديدة مضت ذات أهمية أكبر لم يوظف فيها الرئيس هذه الراحة، التي يتمتع بها، من أجل تمرير قرارات مفيدة للبلاد والعباد. 

وإذا كان هذا المستشار الذي تطاول على العمدة، يستحق الطرد، فإن التطاول على ساكنة المدنية، يجب أن يؤدي أيضا إلى طرد كافة أعضاء المجلس من مقر الجماعة، كما المفروض طرد كل مستشار جماعي لا يحترم المواطن، وفق التزام كل طرف بما له وما عليه، فتفعيل إجراء الطرد خلال تحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي من شأنه النهوض بقطاع المطرودين، أمام إصرار البعض على ممارسة اختصاص الطرد دون باقي المهام الأخرى، التي صارت تناقش فقط في الفضاء الأزرق، لمواجهة السلطة الوصية على قانون الطرد.

لا إشكال في اتخاذ قرار الطرد، فهذا من حق المجلس دفاعا عن هيبته ومكانة رئيسه، خاصة وأن غياب الاحترام الواجب بين المنتخبين، أحد عوامل التلوث الذي أصاب المناخ السياسي بالمدينة، وهي ليست وليدة اليوم، بل لها تراكمات منذ أن كان الصراع الانتخابي ينحصر بين المال والسلطة، قبل انضمام الدين، الأمر الذي جعل المجلس الجماعي في وضعية لا يحسد عليها، بعدما تم اكتشاف أن المصباح لا يضيء سوى طريق صاحبه، والتراكتور لا يحرث سوى مصالح زعيمه، والحمامة لا تحلق إلا بإذن ممونها، فيما الحصان لا يختار علو الحواجز التي يقفز عليها، والنتيجة لا أحد يتحدى الملل، ويدعو إلى تكتل لإنقاذ جماعة طنجة من أزمتها، لا أغلبية تقوم بدورها بالواضح وليس بالمرموز، ولا معارضة تباشر مهامها بالمباشر وليس بالوكالة، فقط جاء قرار الطرد ليذكرنا بأن هناك عمدة يطبق القانون ويشهر الورقة الحمراء في وجه “الفساد”، ومجلس في حالة شرود، يسعى إلى تسجيل الهدف، ولو في مرماه، بتفعيل القانون، وإن كان داخلي، أما الخارجي فله أهله، الذين لايبالون بصفارة الحكم.