
محمد كويمن العمرتي*
يسود الاعتقاد لدرجة الجزم، بأن حليمة المتهمة دائما بالعودة إلى عادتها القديمة، لم يسبق لها قط أن تخلت عن عادتها لكي تعود إليها، فقط نعيش تحت وقع تقلبات ظرفية، تتأثر أحيانا بالعواطف وفي كثير من الحالات بالعواصف، ونحن نتابع واقع حال المشهد السياسي ببلادنا كما يجسده أهل الأحزاب تنظيما وممارسة..
ولعل النموذج الذي تعكسه مجموعة من القبائل الحزبية بطنجة، يبدو منطقيا من حيث نسبة العزوف المرتفعة المسجلة في كل محطة انتخابية، فإذا استثنينا الحزب الذي يعتمد على رصيده الدعوي في ضبط أنصاره من المسجلين في اللوائح الانتخابية، فإن جل الأحزاب الأخرى ظلت تتخبط في البحث عن أصول هويتها لتضمن بقاءها على قيد الحياة، وفي كل مرة تراهن على علاقتها بالسلطة والمال لتحقيق طموحات قياداتها، لكن دون جدوى، بعدما لم تعد انتخاباتنا تتحدى الملل، بل بالعكس تماما فهي تكرس الملل لحد الشلل، والدليل ملموس فيما يعيشه المشهد السياسي المحلي، حين تعود هذه الأحزاب إلى جحورها مباشرة بعد انتهاء موسم الانتخابات، وإن كان العديد منها لا تتوفر على مقرات، ويتوقف الحديث عن برامج تأطير المجتمع ومواكبة حركيته برفع شعارات سياسة القرب والعمل على تفعيل قيم المواطنة والاهتمام بقضايا المواطنين كل من موقعه و…، حتى إشعار آخر، وكأن الأمر يتعلق بلقطة سينمائية يمكن إعادة تصويرها أكثر من مرة حسب أداء الممثلين وبعد موافقة المخرج، قبل أن يسمح للجمهور بإبداء رأيهم بعد العرض، لكن في السياسة غالبا ما يكون قد فات الأوان..
ودون ذكر الأحزاب المتواجدة في الساحة السياسية من أجل الاستئناس فقط، لإضفاء صفة التعددية على مشهدنا السياسي العام، فإن الأحزاب التي يمكن اعتبارها تشكل قوة سياسية بالمدينة، ظلت تتحرك وفق أجندتها الخاصة، فهناك حزب مشغول بدعم جمعياته ويراهن على تحقيق أكبر حملة للختان في تاريخ المدينة، في الوقت الذي توقفت فيه بلاغات كتابته الإقليمية حول هموم الساكنة، التي كانت إلى وقت قريب لا تقبل الانتظار، ونجد حزبا آخر يتعذر عليه الاتصال بمخاطبيه بسبب رصيده الغير كاف، فبالأحرى التواصل مع مناضليه، وكاد يوزع بطاقات العضوية على رجال السلطة لتبرير النتائج التي حصل عليها مؤخرا، كما يوجد حزب ينشط كثيرا من أجل مواجهة صراعاته الداخلية وليس له الوقت الإضافي لمعارضة تدبير الشأن المحلي وهمه الحالي كسب ود القيادة المركزية الجديدة لضمان استمرارية القيادة المحلية، ولا يمكن إغفال الحزب الذي يساهم في تنشيط المشهد السياسي بالمدينة بدون أنشطة، وقيادته المحلية تحدثت مرة واحدة تحت قبة البرلمان، وظلت صريحة مع الساكنة بإرجاع الفضل لما تحققه من نتائج لرصيدها المالي ومباركة السلطة لمساهمتها القيمة في تمييع المشهد السياسي بالمدينة، وطبعا لا ننسى الوجوه التي تحترف الانتخابات والمتقلبة وفق أطماعها الذاتية، ودورها الكبير في تنزيل مبادئ السمسرة والانتهازية باسم العمل السياسي في هذه المدينة، وأمام هذا الوضع على المتضرر تغيير صورة هذا المشهد.
*عن أسبوعية “لاكرونيك”