
طنجاوي
أرض الدولة، محباكو، بئر الشعيري، امبروكة، بوحسايين، حومة 12..، أحياء تشكل مثلث الرعب، وتشمل المجال الترابي لثلاث مقاطعات مهمة بالمدينة: مقاطعة امغوغة والسواني وبني مكادة. لقد تحولت هذه الأحياء إلى ما يشبه كولومبيا جديدة من حيث ترويج المخدرات القوية، وفي مقدمتها الهيروين.
توقيت انطلاق عملية البيع
المكان: حي امحباكو، الساعة تشير إلى الخامسة صباحا، طابور طويل من المدمنين ينتظرون، خروج المروج. في هذه الساعة تحديدا تنطلق عملية البيع، الكل يصطف في طابور طويل، ينتظرون دورهم، يمسكون مبلغ الجرعة بأيديهم، فإذا وصل دورهم سلموا الأموال واستلموا الجرعة، ليسرعوا إلى مكانهم المألوف حيث يشرعون في عملية الحقن عبر الإبر.
تقول مصادر من الحي إن عملية البيع تنطلق عند الساعة الخامسة صباحا، وتنتهي عند السابعة. ساعتان كافيتان لتزويد المدمنين بمدينة طنجة، هذه الفترة الصباحية عادة ما تتسم بالهدوء، حتى العناصر الأمنية “تغفل” عن هذا التوقيت!!..

ثمن الجرعة وهكذا يحصلون عليها
ثمن الجرعة لا يتعدى 30 درهما، يبدو أن ثمنها رخيص غير أن تأثيرها ربما أخطر وأكبر، فالحصول على الجرعة بات بالنسبة للمدمن مسألة حياة أو موت، فهو من أجلها مستعد لارتكاب الجرائم الأكثر بشاعة ولو ضد الأصول والفروع، حتى عندما حاول المروجون الزيادة في ثمن الجرعة انتفض ضدهم المدمون، وقلبوا عليهم الطاولة، وما كان عليهم سوى أن أعادوها لثمنها الأصلي.
للحصول على ثمن الجرعة، يلجأ المدمن عادة إلى السرقة، قد يسرق أثاث منزله، أو جيرانه أو أحدا من أقاربه، قد تبدو بعض الأشياء المتعلقة بالأثاث بالنسبة لغير المدمن تافهة، ولن تأتي بثمن، لكن بالنسبة إليه فإنها تساوي الكثير.
عدد غير قليل من تجار المتلاشيات والأثاث المستعمل بات مدمنو الهروين هم المزودون الرئيسيون لهم، إذ يبيعون لهم المسروقات، مقابل أثمنة بخسة، لكنها مهمة بالنسبة للمدمن، فهي مصدره الوحيد من أجل جمع ثمن الجرعة.
المخدرات القوية أنواع وأصناف
المخدرات القوية تضم أصنافا وأنواعا كثيرة، منها الهيروين المعروف ب ” الغبرة الكحلة ” ، ومنه يتم إعداد ” البورصات “، وهو الاسم الذي صار يطلق على ” البابيلات ” بعدما صارت جرعة الهيروين توزع في كيس بلاستيكي، ويصل ثمنها حوالي 30 درهما، ويمكن أن يستهلكها المدمن إما عن طريق الحقن أو التدخين، وبالنسبة للنوع الثاني فهو “الغبرة البيضة” ويتعلق الأمر بالكوكايين الذي يصل سعر الغرام الواحد إلى أزيد من 500 درهم، ويتم إعداد نوع يسمى “الكراك ” بمزج شحنة منه بالأمونياك والكاربونات، وتستعمل عن طريق الحرق أو تدخينها باستخدام أنبوب، ويتم ترويج أيضا وصفة تدعى “السبيد بوي” وهي خليط بين الهيروين والكوكايين، لمن يرغب في الإحساس بنشوة تفوق طاقة إدمانه، كما ظهرت بأسواق المخدرات بطنجة مخدر “إيميديا”، الذي يعتبره البعض من صنع “الشينوا”، لأن له مفعول المخدرات القوية بأقل تكلفة.

هنا يتعاطون !!
يلجأ المدمون إلى عدد المناطق التي يعتبرونها آمنة، ويشرعون في وخز الإبر المملوءة بالهروين في أجسادهم، فمثلا مدمون حي أرض الدولة، يتوجهون إلى أحد المركبات الإستشفائية للوقاية من الإدمان، الذي من المفروض أن يخضعوا فيه للعلاج فيه، هناك يشرعون في تعاطي الهروين.
ونقل شهود عيان أن هذا المركب بات قبلة للمدمنين الذين يقصدونه في الساعات الأولى من الصباح، هناك حيث يشرعون في تعاطي هذه المادة السامة.
وهناك أماكن أخرى يقصدها المدمنون بهذه الأحياء التي سبق ذكرها، غير أن منهم من لا يستطيع الانتظار، إذ بمجرد استلامهم للجرعة يقوم باستهلاكها على الفور.
حملت أمنية ولكن !!
رغم أن السكان هذه الأحياء يعرفون جيدا المروجين، لكن قدرتهم على التبليغ عنهم باتت مهمة شبه مستحيلة، ذلك أن المروجين يفرضون سطوتهم على هذه الأحياء، وباتوا يتحكمون فيها كيف شاؤوا..
هنا يتساءل الجميع أين الشرطة؟
ذلك أن دورهم يقتصر على حملات من حين لآخر، لكنها لا تستهدف الرؤوس الكبيرة وسط حيرة وتساؤلات الساكنة، وحتى إذ اصطاد الأمن أحدهم فإنه سرعان ما يأتي خليفته ليشغل المكان نفسه، فيما عدد الموقوفين نجده مرتفعا في صفوف المدمنين، وغالبا ما يكونوا موضوع مذكرات بحث بسبب ارتكابهم جرائم أخرى كالسرقة والضرب والجرح باستعمال الأسلحة البيضاء.