
محمد كويمن
ألغى العمدة عطلته غير الرسمية، وعقد اجتماعا طارئا مع أعضاء مكتبه، واعتذر باسم المجلس الجماعي على إزعاج راحة الساكنة، وقرر تقديم وردة لكل متضرر من رائحة مطرح النفايات، ووعدهم ببذل كل ما في وسعه من أجل القضاء على هذه “الريحة” في أقرب الآجال، بل أبدى استعداده لتقديم شكاية لدى الوكيل العام ضد هذه “الريحة” المزعجة، ومتابعتها من أجل بإثارة البلبلة وتهديد الاستقرار الاجتماعي، بعدما تجاوزت كل حدود اللياقة، حين استطاعت الوصول إلى أنوف ساكنة بعض المناطق، الذين كانوا يسمعون عنها دون أن يشمونها مباشرة وهي تتسلل إلى بيوتهم، عكس ساكنة مغوغة، الذين صاروا يتخوفون من اقتراب موعد إغلاق المطرح، بعدما جعلتهم الجماعة يعانون من الإدمان من كثرة ما تلقوا من وعود، منذ عدة سنوات مضت على إعلان تجاوز مطرح مغوغة لطاقته الاستيعابية بكثير، وصدور تحذيرات متكررة من خبراء ومختصين حول مخاطره الصحية والبيئية، لكن لا مساءلة ولا محاسبة، فقط الريحة هي الريحة..
ومن أجل الحقيقة والإنصاف فإن هذه الروائح من أزبالكم، فهي منكم وإليكم، وربما لم يكن يفهم البعض معنى هذا الشعار “منكم وإليكم”، الذي اعتاد الناس سماعه خلال الحملات الانتخابية، فالأمر يتعلق بالأزبال بالدرجة الأولى، باعتبار أن تحريكها يساهم في إيصال روائحها إلى أكبر عدد من السكان، وهو ما أكده المجلس الجماعي لطنجة في تبريره لانبعاث الروائح الكريهة مؤخرا، نتيجة انطلاق أشغال تحريك الأزبال المتراكمة بالمطرح العمومي، وهكذا وصلت الريحة إلى جميع المناطق بفضل تحريك الأزبال، وأضحى المشكل لا يرتبط فقط بمنطقة مغوغة، وربما كان على السكان المجاورين للمطرح تحريك الأزبال منذ مدة لتحريك معها الضمائر المبنية على السكون..
وكثيرا ما تتحرك بعض الأجهزة، بعدما يتردد أن فلان “ريحتو عطات”، إما لإبعاده أو محاسبته، حسب علاقته بالجهة التي حركت أزباله، لكن المهم أن الريحة في غالب الأحيان ما تكشف المستور، والمطلوب فقط تحريك الملفات المتراكمة، التي ظلت تخفي نفاياتها في مرافق مختلفة تهم تدبير الشأن المحلي، لتصل روائحها للعموم، ويتحمل كل طرف مسؤوليته دون وسيط، وهكذا تكون “الريحة عطات”، بعدما “جاتها النفس”، فماذا أنتم فاعلون؟..