أخبار سياسية

مايسة سلامة الناجي بين تناقضات الخطاب ورداءة البحث والكتاب

الأربعاء 10 مايو 2017 - 17:21

مايسة سلامة الناجي بين تناقضات الخطاب ورداءة البحث والكتاب

طنجاوي

اخترنا في هذا المقال الوقوف على بعض تدوينات “كاتبة الرأي” وصاحبة “القلم الأزرق” التي يتجاوز عدد متتبعيها الخمس مائة ألف، من اللذين استهوتهم خطاباتها “الجريئة” و”تغطيتها” -بمفهوم التستر أحيانا- للأحداث الوطنية وقضايا الرأي العام، وهو ما جعلنا في فترة سابقة نكون من المتتبعين لها، حيث استقطبتنابعباراتها الحماسية وأغوتنا ب”آمالها” في مغرب أفضل، فاعتقدنا أنها إحدى بنات الشعب اللاتي اخترن العالم الافتراضي للترويح عنا ونقل معاناة المواطن اليومية وطموحاته في غد أجمل، فوجدنا فيها متنفسا نشارك من خلاله اهتماماتنا وانشغالاتنا وتوصيفنا للواقع بغية الوقوف على مكامن الخلل والمضي بالإصلاح قدما مع الحفاظ على المكتسبات، قبل أن تبدأ في إزعاجنا بتبني خطابات عدمية،يغلب عليها طابع البكائيات، والدفاع عن قضايا تغيب عنها أدنى مواصفات الشرعية، بل إن أكثر ما استفزنا هو تذبذبات مواقفها وموسمية آرائها لنتوقف لحظات قبل أن نشغل أدمغتنا ونبدأ في تحليل خطاباتها بما أوتينا من علم، فقررنا تشغيل “الفيلترات” والتخلص من مفعول مخدرات العواطف الجياشة، لنقف على تناقضات أفكارها، وفهم السياقات التي تخرج فيها، والأهداف الكامنة ورائها.

لا يخفى على أحد من المتتبعين ل”كاتبة الرأي الزرقاء” بما تحمله الكلمة من دلالات في اللهجة العامية “زرق”، أنها اختارت في الأسابيع القليلة الماضية زيارة إقليم الحسيمة في إطار مهمة شابها ما شابها من الغموض وطالها ما طالها من عبارات التضليل ونشر المغالطات، وذلك في إطار ما أسمته “الزرقاء” “تغطية الأحداث ونقل صورة واضحة (؟؟!!) لأعلى مسؤول في البلاد عما يجري في أقاليم الريف، في انتظار تغطية وسائل الإعلام الرسمية”. كما وعدت بزيارة مناطق أخرى بالبلاد قصد الوقوف على المشاكل اليومية التي يعيشها المواطن، بغية إيصال الرسائل لمن يهمه الأمر، والحال أن مساعيها لا تتعدى البحث عن رفع عدد المتتبعين في شبكات التواصل، لتحقيق حلم الشهرة الذي طاردته لسنوات في مجالات أخرى ومنابر نترفع حتى عن ذكرها، فلم تكتفي مع مرور الزمن بتغيير مواقفها وتوجهاتها بل طال التغيير حتى مظهرها ليتناسب مع تطلعات الفئات المستهدفة، فقررت توجيه دفة أطماعها للاتجار في معاناة البشر وتحقيق الأرباح في الفضاء الأزرق.

“كاتبة الرأي” التي استرزقت من “نجاحات” حزب في أوج عطاءاته حين ارتفعت شعبيته وبلغت أقصى معدلاتها، ليحظى بدعم ملايين المغاربة “شعب النية” ممن وثقوا فيه، وتأثروا بخطاباته، سرعان ما “قلبت الفيستة” ووجهت إليه سهامها بعد أن بدأ يفتقد للمصداقية لدى المتتبعين ضاربة عرض الحائط كل الحجج والدوامغ التي كانت تطبل بها للدفاع عنه، أقصد للركوب على نجاحاته. إستراتيجية استرزاقية بامتياز، أساسها الانتماء ل”الجهة الرابحة” ومواكبة التيار، فأمثال هؤلاء لا تحركهم القيم والمبادئ والأفكار، وان كانوا بعيدين كل البعد عن هذه الأخيرة، فقد افتقدت كتاباتهم لأبسط شروط المنطق السليم، وتخلوا عن أهم مبادئ التحرير والاستقلالية.

وإذا ما تأملنا التساؤلات التي خرجت بها “كاتبة الرأي” في تدويناتها الأخيرة على صفحة الفيسبوك، افتتحت معظمها بعبارة “لا أفهم”، في إشارة واضحة على أنها لم تتمكن إلى حدود الساعة من فهم ما يجري بالريف، وهو الأمر الذي لا نستغربه من “زرقاء” ينصب معظم تركيزها على تعداد عدد اللايكات والمشاركات والتفاعل مع تدويناتها ولا يزعجها إن كانت معارضة، فالتعليقات بالنسبة لها ليست إلا رقم يذر الأرباح، فدونت بعبارة “لا أفهم خوف وارتباكالمسؤولين من محاولة اقتراب أي مواطن مظلوم من الملك.. حتىحولوا زكريا المومني بطل رياضي كان يريد الالتقاء بالملك ليطلب منهوظيفة بوزارة الشبيبة والرياضة، إلى حاقد على النظام يمزق جوازهوانتماءه ..واليوم يريدون تحويل ساكنة الحسيمة من مواطنينبسطاء يريدون الالتقاء بالملك لأجل حقوق اجتماعية، إلى انفصاليينوخونة ” و أضافت في تدوينة أخرى “لا أفهم ذهاب والي جهة طنجةتطوان الحسيمة اليعقوبي إلى “فرانس بريس” ليتحدث عن أمرمغربي محض بين النظام ومطالب أبنائه” فنجيبها بسؤال ساذج، “واش انت مازال ما فهمتيش اشنو واقع فالريف و وجهتي رسالة تشرحي فيها للملك؟؟!!!”.

سنفترض فيك “السذاجة” و”حسن النية” وان كنا نستبعد الأمر، ونشارك معك تأملاتنا في التساؤلات السابقة، وان كنا نعلم مسبقا أنك لا تبحثي عن أجوبة، فأما عن استقبال الملك لمن يبحث عن وظيفة بوزارة الشبيبة والرياضة تحت التهديد بتمزيق جواز السفر والانتماء، فنقول لك راجعي الدستور والقوانين والأنظمة التي تراكمت عبر التاريخ، في إطار بناء دولة المؤسسات، يقتسم فيها الجميع الأدوار من أجل بناء هذا البلد بعيدا عن غوغاء البكائيات والنقد الهدام، حينها ستفهمين أن وظيفة الملك تتجسد في رسم الاستراتيجيات الكبرى للبلاد، وتوجيه مسارها التنموي وليس استقبال الأفراد وتوزيع الوظائف لردع من يدعي الوطنية عن تمزيق جوازه وانتمائه، وإلا فلنتخلى عن تكاليف إعداد مشاريع الميزانية، ولنسرح العاملين في قطاعات الوظيفة العمومية، ولنلغي المباريات ونضرب عرض الحائط مبادئ تكافؤ الفرص، ولنعطي الملك كرسيا يستقبل به ممزقي الجوازات و”الهوية الوطنية” ويمكنهم من الوظائف بغير ذي وجه حق.

لقد خرج الملك عن صمته عندما خصص خطابا كاملا جمع فيه ممثلي كافة الأحزاب و المؤسسات ، لينقل لهم ما يصادفه من مشاكل يومية لرعاياه الذين لم يتوانى يوما في الاستجابة لمطالبهم بل على العكس، كان يسعد للقائهم، في إطار إرادة ملكية أعادت إلى الأذهان ممارسات في عهد الخلافة الإسلامية حيث يمشي أمير المؤمنين على قدميه طمعا في لقاء رعاياه والاستماع لهم، لكنه وعي بأن الحلول الترقيعية لحالات فردية كان لها الحظ في لقائه، غير كافية، بل يجب على الجميع تحمل المسؤولية، كل فيما يهمه، فأعطى تعليماته وتوجيهاته بالعمل على تلبية حاجيات المواطن والالتزام بروح المسؤولية والإنسانية في التعامل، ووعد باتخاذ إجراءات صارمة في حق كل من يتهاون في خدمة المواطن بغير ذي وجه حق، وهو ما كان بإقالة العديد من المسؤولين وتعويضهم بمن هم أكثر كفاءة.

أما فيما يتعلق بسؤالك ” حول “ذهاب والي جهة طنجة تطوانالحسيمة اليعقوبي إلى “فرانس بريس” ليتحدث عن أمر مغربيمحض بين النظام ومطالب أبنائه” فنبدأ بتصحيح مغالطاتك وتضليلك للرأي العام بأن الوالي لم يذهب إلى “فرانس بريس”، بل هي من أتت إليه في إطار بحثها عن المعلومة وإجرائها لتقارير حول “حراك” الريف، فأجرت الحوار مع الوالي المذكور الذي استقبلها في مكتبه بعد أن التقت العديد من ممثلي “الحراك الشعبي”، وهو الأمر الذي لم تقومي به في زيارتك للوقوف على “الحقيقة”، نظرا لانشغالك ب”الزفزافي” و”أطباق السمك” التي لم تؤدي ثمنها، فأزعجك ظهور آراء أخرى ومعطيات تجهلينها أو تتجاهلينها في انتظار أن تكون الرابحة لتغيري “العباءة”، كما لم تزعجك الحملات المغرضة لبعض المحسوبين على منطقة الريف في المنتظم الدولي ولدى المحافل الدولية والتي تهدف إلى تشويه صورة المغرب، حتى أصبحنا لا نفرق بينك وبين صحافة الأعداء التي تتحين الفرص للانقضاض على المسؤولين المغاربة قصد إحراجهم، لينقلب السحر على الساحر وتكون الإجابات سببا في فضحهم أمام العالم.

لا شيء أبلغ من لسانك للتعبير عن أهدافك وطموحاتك حين دونت بحسرة على حائطك: “هذا المنشور محجوب عنكم في الصفحةأنا الوحيدة التي تراه بعد أن وصل 600 ألف مشاهدة ووصل المقال20 ألف مشاركة”، عبارات تلخص طموحاتك ومحدودية تفكيرك وبيعك لنفسك ووطنك مقابل عدد المشاهدات، فلم تفهمي أن إدارة الفيسبوك نفسها لم تطق ترهاتك، وأن انشغالك بتعداد عدد المعجبين، أنساك تعداد المختلفين وأصحاب العقول النيرة، اللذين بلغوا عن مقالاتك المشبوهة ليتم حجبها مصداق لقوله تعالى “بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ”.