
محمد كويمن
يبدو أن حركة طنجة الكبرى توقفت، أو على الأقل تعثرت، لأن الوالي اليعقوبي مشغول بأحداث الحسيمة، ويسابق الزمن من أجل إنجاز مهمته في أسرع وقت بدون خسائر، وكأنه يتحمل وحده كامل المسؤولية فيما يقع بتلك المنطقة، بعيدا عن شعار دولة المؤسسات، وهي الصورة التي تلخص اليوم كيفية تعاطي كل من يهمهم الأمر مع مثل هذه الأوضاع، ولعله من الخطأ كذلك إنتاج بعض الحلول بطريقة الوجبات السريعة لمشاكل متراكمة، ظلت تترقب فرصتها الحقيقية في مقاربة تشاركية لمعالجتها بالشكل الذي يرضي كافة الأطراف، فقط الإشكال الحقيقي، يبقى في توفير عنصر الثقة في لغة الحوار، وتحقيق المصداقية في خطاب التفاوض، لتفادي أي مزايدات حول واقع اجتماعي معروف، يعيش جملة من الإخفاقات دون إنكار جرعة الإنجازات، من شأنها (المزايدات) تهريب النقاش نحو شبهة المجهول..
وإذا كان من العادي جدا أن يسعى خصمك لاصطيادك بطعم أخطائك، فإن من غير المعقول تماما أن تتجاهل هفواتك ضدا في خصمك، وإلا ستفقد من يؤيدوك لأنك لم تصلح عيوبك وانشغلت بعيوب خصمك، التي لم تكن أصلا ضمن مطالب إصلاح أخطائك..
وعاشت طنجة تجربة سابقة، حين شهدت أكبر موجة احتجاج شعبي ضد أمانديس، اضطرت معها الدولة إلى التدخل بكل ثقلها لوقف المسيرات الأسبوعية، واستغرقت محاولة إقناع السكان بوجود “أياد خفية” ترغب في “زعزعة استقرار البلد”، وقتا طويلا، دون جدوى، في الوقت الذي كان الناس ينتظرون حلولا واقعية، وبمجرد الشروع في تطبيقها، ولو ظرفيا، لم يعد أي أحد يهتم بالجهة المتهمة بالتحريض، فالأصل هو تحمل كل طرف مسؤوليته من موقعه، سلطات محلية وهيئات منتخبة ومجتمع مدني، والتجاوب مع نبض الشارع بكل واقعية، فسرعان ما تظل بعض الإجراءات الترقيعية مثل التبن، الذي يخفي تحته الجمر، ويبقى على استعداد في أي لحظة للاشتعال من جديد، في غياب رد فعل مناسب يعكس دور مؤسسات الدولة في مواكبة حركية المجتمع بمختلف أطيافها، لتجاوز تلك المخاوف التي تهدد في كل مرة علاقة التبن بالجمر..