مجتمع

إصابات ووفاة وتضارب ونصائح.. الأطفال في مرمى جائحة كورونا

الإثنين 11 مايو 2020 - 16:17

إصابات ووفاة وتضارب ونصائح.. الأطفال في مرمى جائحة كورونا

طنجاوي –يوسف الحايك

مفعما بالحياة، يرتدي الطفل زياد ذو الخمس سنوات كمامته، وهو يهم بمغادرة غرفة الفندق التي قضى فيها مدة الحجر الصحي، بعد تعافيه من فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، ليعود إلى منزل أسرته.

شارة نصر

وبعد أن ذاع صيت زياد، وقد اجتاحت صورته وهو يرفع شارة النصر صاعدا تحت تصفيقات عناصر الوقاية المدنية وتشجيعاتهم سيارة الإسعاف في بداية قصته مع المرض، يصر على رفع شارة نصر أخرى، معلنا نهاية آخر فصل في معركة حرمته حضن أمه وجدته.

لم يكن زياد وحده من الأطفال المنتصرين على المرض القاتل، فبدورها شفيت سما، الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها الثلاثة أشهر بعد 16 يوما من تأكد إصابتها بالفيروس.
وفي مقابل انتصار زياد وسما، فإن المرض أودى، نهاية مارس الفائت، بحياة رضيعة تبلغ من العمر 17 شهرا، انتقل لها الفيروس من أمها المصابة.

إصابات ووفاة

وكشفت وزارة الصحة أن أدنى سن مسجل بالنسبة للمصابين بفيروس كورونا المستجد في المغرب يعود إلى رضيع يبلغ من العمر شهرين فقط.
وقال محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة والأمراض بوزارة الصحة، إن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد عند الأطفال أقل من 14 سنة يصل إلى 546 حالة.

وأوضح اليوبي خلال الايجاز الصحافي اليومي يوم الأحد (10 ماي)، نسبة الإصابة في صفوف هذه الفئة تصل إلى 9 في المائة.
وأكد اليوبي أن حالة هؤلاء الأطفال أثناء التكفل كانت ألطف مقارنة بالأشخاص البالغين.

وأشار إلى أن 93 في المائة من الحالات ضمن هذه الفئة العمرية هي بدون أعراض، أو بأعراض بسيطة، بينما الحالات الخطيرة لا تتجاوز نسبتها 1.3 في المائة.
وأفاد المتحدث ذاته بتسجيل حالة وفاة واحدة لرضيع عمره 17 شهرا، لافتا إلى أنه كان يعاني من أمراض في النمو والكليتين.

من جانبه، رأى الدكتور خالد أوخشي، أخصائي طب المواليد والخدج، ورئيس قسم طب الأطفال بالمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، أن نسبة إصابة الأطفال قليلة مقارنة مع الكبار.

وأوضح أوخشي في تصريح مكتوب لـ”طنجاوي” أنه “على الرغم من عدم توفر معطيات تفصيلية بالنسبة لعدد الأطفال المصابين بالمرض إلا نسبة الإصابة في صفوف هذه الفئة تبقى بالتأكيد قليلة جدا”.

من الأعراض إلى العلاج

وبخصوص الأعراض التي تميز إصابة الأطفال بالمرض، يبرز الأخصائي ذاته أنها قد تختلف عن الأعراض عند الكبار من خلال حدوث التهاب على مستوى البلعوم، والذبحة الصدرية، إلى جانب سيلان للأنف، وحمى طفيفة، وألم بالبطن، والمفاصل.
ويضيف أوخشي أن هذه الأعراض قد تكون عامة؛ من قبيل القيء والدوار، والإسهال، والتهاب الحلق، واللوزتين، والتعب، وبروز علامات في الجلد، ناهيك عن فقدان حاستي الشم والتذوق.

وجوابا عن سؤال لـ”طنجاوي” بشأن الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بالمرض دون غيرهم أكد المصدر الطبي نفسه، أن الأطفال المصابين بأمراض تنتج ضعفا في المناعة هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض كما هو الحال بالنسبة للمصابين بالسرطان، وممن يعانون من نقص في التغذية، والحساسية المزمنة، والإسهال المزمن، إلى جانب بعض الأمراض الوراثية، أو والحمى، والسعال وضيق في التنفس في الحالات العامة.

وحول الطريقة المثلى للتعامل مع الأطفال المصابين بالمرض، يشير أوخشي إلى أنه ينبغي أن “نتعامل معه بلطف، وعدم إحساسه بأنه مريض بكوفيد19 حتى لا يقع في نفسه هلع واضطراب نفسي، لاسيما الأطفال الأكثر إدراكا، وأن نعرضه على الجهات الطبية المختصة حتى نتمكن من تشخيص أو نفي المرض”.
وبالنسبة لمدة العلاج، بيَّن الأخصائي في طب المواليد والخدج أنها لا تتفاوت في العموم عن فترة علاج الراشدين.

وينصح أوخشي الأمهات والآباء بالعمل على “تجنيب أطفالنا الاختلاط من بكل مريض أو مشتبه فيه بدون أن نحسهم بشيء حتى لا نزرع فيهم الخوف”.
ونبه إلى عدم القبلات الكثيرة والأحضان، وتفادي النوم في سرير واحد مع الطفل، إلى جانب عدم التحدث مع الطفل من مسافة قريبة وبصوت عال لتفادي إفراز الفيروسات في الهواء، فضلا عن تخصيص أواني للأكل والشرب بالنسبة لأطفال، واستعمال الكمامات لأفراد العائلة

توقيف الدراسة

ومع تسجيل أولى حالات الإصابة بالفيروس، سارعت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى اتخاذ قرار بتوقيف الدراسة بجميع الأقسام والفصول انطلاقا من يوم الاثنين (16 مارس) الماضي، حتى إشعار آخر.
وذكرت الوزارة في بلاغ لها أن هذا الإجراء يندرج ضمن التدابير الاحترازية الرامية إلى الحد من العدوى وانتشار الوباء.

وأوضحت أن هذا القرار يشمل رياض الأطفال وجميع المؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين المهني والمؤسسات الجامعية؛ سواء منها العمومية أو الخصوصية، وكذا مؤسسات تكوين الأطر غير التابعة للجامعة والمدارس ومراكز اللغات التابعة للبعثات الأجنبية وكذا مراكز اللغات ومراكز الدعم التربوي الخصوصية.
وأكدت الوزارة أن توقيف الدراسة لا يعني بتاتا أن الأمر يتعلق بعطلة مدرسية استثنائية ولكن يتعلق بتوقيف الدروس الحضورية وتعويضها بالتعليم عن بعد.

البعد النفسي

إلى جانب ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية المطلوبة حماية للأطفال، تبقى مراعاة البعد النفسي في التعامل مع الأطفال في ظل هذا الطارئ الصحي أمرا لا محيد عنه.

وفي هذا الصدد، يعتبر الطبيب والمعالج النفسي، أيمن القشوشي، أنه من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالقلق خلال هذه اللحظات الصعبة من الجائحة والحجر؛ لاسيما أنهم يواجهون فيضا من المعلومات سواء من خلال تتبعهم للتلفاز أو الانترنت.
ومن أجل مساعدة الأطفال على فهم مخاطر “كوفيد-19″، ينصح القشوشي الأمهات والآباء بالحديث مع الطفل.

وحث الطبيب والمعالج النفسي في حديث له مع وكالة المغرب العربي للأنباء، بداية على تشجيع التواصل مع الطفل ودعوته للتحدث، وسؤاله عما يعرفه عن هذا الفيروس، مع خلق بيئة آمنة تشجع على التعبير الحر.
وشدد على ضرورة اختيار العبارات المناسبة لشرح الوضعية إلى الطفل بالطريقة الصحيحة، وهو ما لا يتأتى دون التكيف مع مستوى الطفل وإيجاد الكلمات لإخباره عن الفيروس.

ومن الإرشادات التي يوردها المصدر نفسه تذكير الطفل ـ مثلا ـ بالأمراض التي تعرض لها في صغره، مع الإشارة إلى الحمى والزكام والأمراض الأخرى التي انتشرت في مدرسته.

ويسترسل بالقول أنه “يمكن نشرح له أنه ظهر شكل جديد من المرض، يبدو أنه يتفشى بسرعة لكنه ليس بالخطير، لاسيما بالنسبة للأطفال”.
ولفت إلى وجوب نقل الآباء خطابا مطمئنا وإيجابيا ومقتضبا، دون الدخول في التفاصيل، وقبل كل شيء يجب أن يكون مناسبا لعمر الطفل.

وأبرز القشوشي أهمية تثمين الحياة والطاقة، موجها الأمهات والآباء إلى القيام بدعوة الصغار لعيش اللحظة الحالية بعمق، وممارسة الرياضة، ومشاهدة الرسوم المتحركة المفضلة لديهم، وباختصار، بالقيام بما يجعلهم سعداء؛ “لذلك شجعوا الأطفال على العيش بدلا من أن تبثوا فيهم القلق”.
ودعا المصدر عينه الأمهات والآباء إلى اختيار أمثلة ترفيهية مستوحاة من الحياة اليومية، لا سيما من خلال الرسم ومقاطع الفيديو والرسوم المتحركة… وغيرها.

حملة

وعلى صعيد متصل، بادر المرصد الوطني لحقوق الطفل، إلى إطلاق حملة لتحسيس ومواكبة الأطفال تزامنا مع الإجراءات الاحترازية لمكافحة هذه الجائحة.

وأبرز المرصد الوطني لحقوق الطفل في بلاغ له أن الغاية من هذه الحملة هي الحاجة إلى إطلاع الأطفال على معلومات حول الفيروس، وتحسيسهم بأهمية انخراطهم وبفعالية تدابير الحماية الصحية.
وأكد المرصد أن الحملة تهدف كذلك، إلى إعلام ومواكبة الأطفال في تعليمهم ورفاههم خلال هذه الفترة الصعبة، وكذا تعزيز حس المواطنة والانتماء للوطن في صفوفهم.

دراسات

ومنذ بداية تفشي الفيروس حول العالم، نهاية العام الماضي، تناسلت دراسات علمية محاولة الإحاطة بالجوانب المرتبطة بإصابة الأطفال بالمرض.

ولم تخل هذه الدراسات من تضارب؛ إذ زعمت دراسات مع بداية تفشي هذه الجائحة حول العالم أن الأطفال أقل عرضة للعدوى بكورونا مقارنة بالكبار.
ومنذ بداية تفشي الفيروس حول العالم، نهاية العام الماضي، تناسلت دراسات علمية محاولة الإحاطة بالجوانب المرتبطة بإصابة الأطفال بالمرض.

ولم تخل هذه الدراسات من تضارب؛ إذ زعمت دراسات مع بداية تفشي هذه الجائحة حول العالم أن الأطفال أقل عرضة للعدوى بكورونا مقارنة بالكبار.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “تاغبلات” السويسرية قبل أسابيع أن هناك دراسة جديدة من الصين تقلل من مخاطر إصابة الأطفال بفيروس كورونا مقارنة بالفئات العمرية الأخرى.

وأوردت الصحيفة أن مخاطر إصابة الأطفال حتى 14 عاما بفيروس كورونا المستجد تبلغ مقدار الثلث بالنسبة لمثيلتها لدى البالغين.
وتستند الدراسة الصينية إلى اختبارات أجراها باحثون صينيون على بالغين وأطفال في إقليم ووهان منشأ الفيروس.

في المقابل، خلصت أخرى إلى إن نسبة تركيز فيروس كورونا لا تختلف من فئة عمرية إلى أخرى.
وفي هذا السياق، انتهت دراسة أجراها كريستيان دروستن كبير علماء الفيروسات بمستشفى شاريتيه في برلين وفريقه، إلى إن نسبة تركيز فيروس كورونا لا تختلف من فئة عمرية إلى أخرى.

وتراجع دروستن وفريقه عن تقديرات سابقة بشأن نسبة تركيز فيروس كورونا لدى الأطفال مقارنة مع البالغين.
وقال دروستن في تصريحات صحافية إن “نسبة تركيز الفيروس في الحلق لدى الأطفال يمكن أن تكون أعلى 10 آلاف مرة مقارنة بالأشخاص البالغين”.

وأوضحت دراسة أجراها الخبير الألماني أنه عند الإصابة بالانفلونزا والعديد من أمراض البرد الأخرى “نعرف أن الأطفال تكون لديهم نسبة تركيز عالية من الفيروس في الحلق” لأن جهازهم المناعي لا يمكنه فعل الكثير ضد مسببات الأمراض، لذلك تتكاثر لديهم بقوة.

وأكدت أن عدد الفيروسات التي ثبت وجودها في مجاري التنفس لدى أشخاص مصابين في برلين لا تختلف من فئة عمرية لأخرى.
كما أفادت الدراسة بأن الطفل المصاب بفيروس كورونا يمكن أن يكون ناقلا للعدوى مثل الشخص البالغ وبنفس القدر.

غير أن الدراسة الجديدة لدروستن وفريقه في مستشفى شاريتيه البرليني لم يجر تقييم نتائجها من قبل لجنة مستقلة.

من ناحيته، حذر طبيب إيطالي من مقولة “حصانة” الأطفال من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، مطالباً الجميع بالمساهمة، للفوز بالمعركة ضد كورونا.

ونقلت صحيفة ليبيرتا عن الدكتور أندريا سيلا، رئيس قسم الإسعافات الأولية في مستشفى للأطفال في منطقة بياسينزا، شمال إيطاليا، قوله إنه في حال صحّت فرضية “نجاة” الأطفال من العواقب المميتة إذا أصيبوا بفيروس كورونا، إلا أنهم غير محصنين، قطعياً، من الإصابة به.

وأكد أنهم في تلك الحالة من التغافل، سيتحولون إلى وسيلة سهلة، لنقل العدوى بالمرض إلى آبائهم وأجدادهم.
وطالب سيلا، بإبقاء الأطفال داخل المنازل، مع أخذ جميع الاحتياطات للحفاظ عليهم وعدم انتقال العدوى إليهم.