أخبار الجهات

مبادرة المغرب ولوج دول الساحل الى المحيط الاطلسي…مشروع ملكي لخدمة إفريقيا

الإثنين 12 فبراير 2024 - 21:47

مبادرة المغرب ولوج دول الساحل الى المحيط الاطلسي…مشروع ملكي لخدمة إفريقيا

‏في السادس من شهر نوفمبر 2023 تم الإعلان عن مبادرة ملكية تروم تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وذلك من الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، الذي استعداد المغرب لتقديم دعمه عبر إتاحة البنية التحتية الخاصة بالطرق، والموانئ، والسكك الحديدية. ‏

وأكد الملك خلال خطابه أيضًا على ضرورة تطوير البنية التحتية في دول الساحل وربطها بشبكات النقل والاتصالات الإقليمية لضمان نجاح هذه المبادرة، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة وتحسين التواصل والتجارة بين دول الساحل والعالم الخارجي

‏وفي مؤتمر مراكش، الذي عقد يوم السبت 23 ديسمبر 2023، تم التوقيع على اتفاق بين دول الساحل والمغرب، يمثل خطوة أولية نحو تنزيل المبادرة، بحضور وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد، الذين أكدوا إلتزامهم بالمبادرة الملكية التي أطلقها الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

خلال هذا الإجتماع اكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في كلمته خلال الافتتاح، على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الساحل، مشيرًا إلى الرابطة العميقة بين المغرب ودول الساحل بالاستشهاد بمقولة مونين: “لأنه أنتم نحن ونحن أنتم”، مؤكدًا أن التحديات التي تواجه الساحل هي تحديات للمغرب أيضًا.

وزير خارجية مالي، من جانبه، استخدم تعبير “تقديم الماء يعني تقديم الحياة” للتأكيد على الدور الحيوي للمبادرة المغربية، ‏كما أُقر في الاجتماع إنشاء فرق عمل وطنية في كل دولة لتطوير واقتراح سبل تنفيذ المبادرة، والعمل على تقديم توصيات نهائية للملك ورؤساء الدول في منطقة الساحل، أو ما يُعرف بدول “الساحل” غير المطلة على البحر.

لماذا الساحل غير مطلة على البحر. ‏على الرغم من الاعتقاد الشائع، حيث يُفترض أن “الساحل” يشير إلى مناطق ساحلية بحرية، إلا أن هذه التسمية في الواقع تُستخدم للدلالة على “ساحل الصحراء” بدلاً من ساحل البحر.

تمتد جغرافية منطقة الساحل الأفريقي شمالاً عند حدود الصحراء الكبرى وتمتد جنوباً حتى بدايات منطقة السافانا الخضراء، وبذلك فإن الساحل الأفريقي يُعد الحد الفاصل بين الصحراء الكبرى شمالاً وأراضي السافانا جنوباً، وفي مفهومه الأوسع يشمل الساحل عشر دول، لكن الإشارة إلى منطقة الساحل ترتكز بالأساس على ست دول هي
السنغال، مالي، النيجر، تشاد، بوركينا فاسو وموريتانيا.

من بين هذه الدول الستة، جميعها دول حبيسة باستثناء السنغال وموريتانيا، فعلى سبيل المثال، تبعد دولة تشاد عن ساحل المحيط الأطلسي بمسافة تزيد عن ثلاثة آلاف كيلومتر بخط مستقيم، وتفصل النيجر عن الساحل مسافة تتجاوز الألفي كيلومتر، وبهذا، لا تقع أي من هذه الدول بشكل كامل ضمن منطقة الساحل، حيث تمتد أوسع أجزائها في كل من النيجر ومالي، ومن هنا تبرز معنى أن تضم المبادرة المغربية هذه الدول الأربعة فقط في منطقة الساحل.

‏إذًن، وترتيبًا على ما سبق، جميع الدول الأربع (بوركينا فاسو، مالي، النيجر، وتشاد) هي دول محبوسة لا تطل على البحر، هذا يجعل الوصول إلى المحيطات والأسواق العالمية أصعب بالنسبة لها ويزيد من تكلفة التجارة الخارجية.

وتصل المساحة الأرضية للدول الأربعة إلى 4,065,392 كم²، مع عدد سكان قرابة 90 مليون نسمة، وهنا تبرز الحاجة الملحّة لديها للولوج إلى البحر، وللاستفادة القصوى من هذه المُبادرة، فإنّ هناك تحدّياتٍ يجب التغلب عليها وهي تطوير البنية التحتية الضرورية للربط بين هذه الدول والمحيط الأطلسي، وهو احد اكبر التحديات التي تتطلب إستثمارات ضخمة، إضافة الى ضمان الاستقرار السياسي والأمني.

لذلك فإن تجسّدت المبادرة على أرض الواقع، فإن الارتباط بالمحيط الأطلسي سيقلل تكلفة الشحن، على سبيل المثال، تكلفة نقل البضائع قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 10-15٪، مما يعزز التنافسية الاقتصادية لهذه الدول، مما يعني الوصول إلى الأسواق الدولية وتحفيز النمو الاقتصادي، تمامًا كما الاستثمار في البنية التحتية يمكن أن يخلق آلاف الوظائف، مما يساهم في تخفيض معدلات البطالة.

‏في مدينة الداخلة، التي تقع على الحدود البحرية المشتركة مع موريتانيا، أنشأ المغرب واحداً من أكبر الموانئ على ساحل المحيط الأطلسي. نظرًا لكون موريتانيا إحدى دول الساحل، فقد عمد المغرب إلى توفير هذا الميناء، الذي يشكل جزءًا أساسيًا من البنية التحتية المغربية، كنقطة وصول لدول الساحل والصحراء، هذا الإجراء يهدف إلى تخفيف العزلة الجغرافية التي تعاني منها دول الساحل التي لا تطلّ على البحر، مانحًا إياها منفذًا على المحيط الأطلسي يوفر اتصالًا مباشرًا بالأمريكتين وغيرها من الاقتصادات العالمية الرئيسية.