أخبار دولية

كيف ألهم “سجن صيدنايا” صناعة الأفلام الوثائقية؟

الإثنين 27 يناير 2025 - 13:20

كيف ألهم “سجن صيدنايا” صناعة الأفلام الوثائقية؟

يتطلب الواقع السوري الجديد وقتاً لتحويله إلى مادة إبداعية، لكن حكايات عنبر 8 في سجن صيدنايا بدأت تطفو على السطح عبر وسائل الإعلام المصورة، حاملة قصصاً فردية تلخص حقبة كاملة. هذه الحكايات تذكّر بمشاهد فيلم “بلاتفورم 2020” وتعرض مقاطع مصورة تجسد معاناة الأحياء الأموات من المعتقلين. بعد خمسين عاماً من وحشية نظام الأسد، يبحث السوريون عن جثث ذويهم، في حين يفرح الناجون بخلاص طال انتظاره مقارنة مع تجارب تونس ومصر والعراق.

مع رواية هذه القصص، تتكشف تفاصيل دموية جديدة، مثل المقابر الجماعية والفظائع التي تعرض لها المعتقلون. شهادات المعتقلين السابقين عن عدد الإعدامات وعنف السجّانين تُقدَّم مباشرة للعالم عبر الإنترنت، ما يجعل أي عمل سينمائي متخيل عاجزاً عن مجاراة هذه الحقائق. التكنولوجيا سهلت توثيق الثورة السورية منذ انطلاقها في درعا، حيث كانت الكاميرات وسيلة لتسجيل التاريخ بصدقية وواقعية لا تضاهى.

السينما والواقع السوري

تعكس الأفلام الوثائقية والروائية عن الثورة السورية واقعاً يفوق الخيال، حيث يصعب على أي ديكور أو أداء تمثيلي أن يضاهي صور المعتقلين الخارجين من جحيم صيدنايا. يقدم هؤلاء الناجون شهادات حية تُظهر أثر العنف على أجسادهم وأرواحهم، وهو ما يجعل الوثائقيات أفضل وسيلة لتوثيق هذه اللحظة التاريخية.

بين الفن والسياسة

الثورة فعل سياسي يهز المجتمع، لكنها لم تواكبها ثورة ثقافية تبني إنساناً جديداً قادراً على تبني قيم الحرية والحداثة. بقيت القيم القبلية والطائفية عائقاً أمام التحول الديمقراطي. ومع ضعف الطبقة الوسطى، التي تعد حاملة القيم الليبرالية، أصبحت العدالة والحرية مطالب هشة في مواجهة تحديات الواقع.

 

في النهاية، تبدو الثورة السورية تجربة معقدة تحمل في طياتها مزيجاً من الألم والأمل. وبينما يتطلب تحويل هذا الواقع إلى إبداع سينمائي وقتاً، تبقى الحقيقة التي توثقها الشهادات الحية أعظم من أي خيال. الأفلام التي ستُنجز مستقبلاً يجب أن تسهم في بناء وعي جديد يعزز قيم الديمقراطية والحرية، بعيداً عن البروباغندا أو الشعارات الجوفاء.