
محمد كويمن
ما وقع بأسواق القرب، ليس بالأمر المفاجئ، ولا يستدعي كل هذا الاستغراب، بل لا يدعو لأي قلق، فالسلطة قامت بدورها كما يجب وزيادة، وإن كانت الزيادة دائما تكون من “راس الحماق” كما يقال، والمجلس الجماعي مارس اختصاصاته كما أرادها لنفسه، وليس كما فرضها عليه المشرع، والنتيجة تقسيم طنجة إلى سوق سلطوي وآخر انتخابي، وطبعا كحال كل الأسواق لا بد من خلق رواج تجاري من أجل انتعاشها، فهناك من يبيعون الضمائر، المستترة منها والظاهرة وكذا المتصلة بالفعل، وآخرون يبيعون الأوهام والشعارات، والمستهلكون في قفص الاتهام، يترقبون فرصة “الغفلة” ما بين البائع والمشتري.
ولعل الجديد في مسلسل أسواق القرب بطنجة، دخول فريق المصباح بمجلس النواب على الخط، وهو إنجاز كبير قام به الإخوان من خلال متابعتهم للقضايا الكبرى التي تهم تدبير الشأن المحلي، وعلى ساكنة المدينة أن يشكروا هذا الفريق الوحيد الذي تحدى الملل، واقتحم سوق السلطة، مؤكدا للجميع أن نيل دكان بسوق القرب لا يأتي بالتمني بل بالتضامن، وما النصر إلا من عند الله.
هذا الوضع الخطير جدا جدا، دفع بأحد نواب العمدة إلى تقديم طلب إعفائه من الإشراف على ملف الأسواق، بعدما اعترف بأنه لم يسبق أن استشاره أحد في شأن الأسواق التي تم إحداثها في إطار برنامج طنجة الكبرى، دون أن يفسر سبب صمته طيلة هذه السنوات وقبوله بموقع “الأطرش في الزفة”، لكنه بالمقابل اهتم أكثر بتفسير الإجراء الذي أعلن عنه على صفحته بالفيسبوك، حين وضح لكل من يهمهم الأمر بأن الأمر لا يتعلق بتلك الاستقالة، التي قد تكون سببا لا قدر الله في سحب التعويض الشهري وسيارة المصلحة، فهذا سوق آخر..
وأكثر من ذلك، وبسبب حمى أسواق القرب، عاد رئيس مقاطعة بني مكادة، في عز الحملة التي تستهدف سوق السلطة، ليؤكد بأن هناك “انتعاش للبناء غير المرخص في واضحة النهار وأمام أعين الجميع”، وطبعا من بين هذه العيون، عيني الوالي، وبالتالي شبهة التواطؤ قائمة، وهنا لا يجب أن يدخل كل مسؤول “سوق راسو”، وإلا لا معنى لاستمرار ربط المسؤولية بالمساءلة، فالواجب يقتضي وقف الضرر، ومحاسبة كل طرف ثبت تورطه في ارتكاب خروقات تسيئ إلى المدينة وساكنتها، كما أن تحمل المسؤولية يفرض أيضا التواصل مع الرأي العام لكشف الحقائق من خلال مواقف رسمية، واللجوء إلى القضاء لفضح كافة المشتبه فيهم، من رجال السلطة والمنتخبين والسماسرة، فلا يعقل أن يعوض سوق الفيسبوك سوق المسؤولية ويبقى الوضع على إيقاع السوق “الخاوي”..