
محمد كويمن
استبشر سكان جهة طنجة تطوان الحسيمة، خيرا بتخلي إلياس العماري عن قيادة حزب التراكتور، سواء كان ذلك برغبته أو تحت الضغط، لا يهم، بل الأهم بالنسبة لأهل الجهة، أن إلياس سيتفرغ لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، وهذا فضل من الله في هذا الشهر الفضيل، ومن المنتظر أن يخصص العماري وقتا أطول لممارسة مهامه كرئيس للجهة، بعد تسليمه زعامة الحزب لصديقه، لكي لا يقال بأن تياره قد انهار داخل قلعة البام، وإن كان إلياس ظل دائما غير راض على قيادته لحزب الأصالة والمعاصرة، لأنه يرى نفسه في المقدمة مثل وضعية التراكتور، الذي تتقدمه العجلة الصغيرة فيما العجلتين الكبيرتين في الوراء، خاصة وأنه يفضل أن يكون دائما في الكواليس يراقب جميع أنواع العجلات، لأنه مقتنع بأن قيادة التراكتور في يد من يتحكم في فرامله ولو عن بعد.
وقرار انسحاب إلياس العماري من قيادة التراكتور، كان محسوما منذ مدة، وفق أجندة تحدد آجال انتهاء صلاحية زعماء الأحزاب، انطلاقا من المتغيرات السياسية المفروضة انتخابيا، والتحولات المجتمعية المؤثرة شعبيا، لكن إلياس اختار لحظة التخلي عن الزعامة، في الوقت الذي اختلطت فيه كل الأوراق، التي كانت مختلطة أصلا، حين فقد كل زعماء الأحزاب نجوميتهم، بما فيهم البديل الجديد، الذي تم طرحه في السوق السياسي استعدادا للمرحلة المقبلة، إلا أن الوضع الحالي لا يثير شهوة لا الرياح ولا السفن، فقط تجري الأيام لتكشف المزيد من الاختلالات، التي لم يعد المشهد السياسي قادرا على إخفائها، وسط كل هذا التنافس من أجل تقمص أدوار الزعامة.
ونزول إلياس من التراكتور، اعتبره البعض بداية نزوله من القمة، وإن كانت القمة فيها وفيها، إلا أن هذا لن يمنعه من الاستمرار في الركوب على مجلس الجهة، عكس ما يحاول تروجيه حول رغبته في الاستقالة من رئاسة الجهة، وهو الأمر الذي يقلق أكثر الأطراف المستفيدة من تركيبة الجهة، التي وضعها إلياس على مقاسه، بعدما استطاع احتواء المعارضة قبل الأغلبية، وصار يطلب العلم من الصين بحثا عن الأضواء، بل ويزيد من العلم أحيانا لفرض اختياراته، ويطالب الحكومة بتمكينه من كافة اختصاصاته ليساهم في جلب الاستثمارات من مختلف أرجاء العالم، وهذا من شيم الزعماء، فكيف لا يفرح سكان الجهة بتفرغ الزعيم بدون زعامة، لحل مشاكلهم المتراكمة والاستجابة لانتظاراتهم المتأخرة.