
طنجاوي
يبدو أن كل شيئ أصبح مباحا بل ومطلوبا مادام يقود إلى تحقيق الشهرة أو “البوز” على مواقع التواصل الاجتماعي ببلادنا، بغض النظر عن المحتوى الذي يقدمه اللاهتون وراء “الطوندونس”، حيث كلما ارتفع عدد المشاهدات كلما زادت العائدات المالية.
وفي سبيل تحقيق أكبر نسبة من المتابعات، بات المسكونون بهوس “التراند” مستعدون للقيام بالشيء ونقيضه، مرة يقدمون أنفسهم في هيئة مناضلين ثوريين “ناطقين” باسم الشعب المغربي، ومرة ثانية لا يتورعون عن الاستخفاف بمشاعر المغاربة والاستخفاف بعقولهم.
قبل أسابيع خرج الثلاثي (لكناوي، ولد الكرية و لزعر) بأغنية نصبوا فيها أنفسهم “ناطقين” باسم الشعب، تضمنت ألفاظا وعبارات تحرض على الكراهية والعنصرية، ناهيك عن توظيفهم لقاموس منحط من السب والقذف في حق المؤسسات، بداعي امتلاكهم الجرأة في الانتقاد. وعلى الرغم من تحقيقها لنسب مشاهدات مرتفعة، فإنها لقيت موجة عارمة من الانتقاد والاستهجان من طرف مختلف فئات الشعب المغربي.
وما إن دخلت “الأغنية” طور النسيان، وتراجعت نسب المشاهدات بشكل حاد، حتى خرج المدعو ولد الكرية يوم 31 دجنبر 2019 بتصريح صحافي لقناة “علاش تيفي”، يعترف فيه أنه لم يقصد أي إساءة لمؤسسات البلد، وأن أغنية “عاش الشعب” كانت كاميرا خفية لكشف أعداء الشعب والوطن.
ولد الكرية بدا مرتاحا ومتحمسا في تصريحه الصحفي، وهو يتحدث كمحلل سياسي لا يشق له غبار، عن سذاجة المغاربة الذين تمسكوا بالتفسير الحرفي والسطحي لكلمات الأغنية دون أن يفككوا معانيها الحقيقية، والتي كانت حصب ولد الكرية عبارة عن خدعة لاصطياد الخونة وأعداء الوطن!.
أيام معدودة بعد ذلك، كان المغاربة يوم 3 يناير الجاري على موعد مع الحلقة الثالثة من مسلسل التفاهة لهذا الثلاثي، عندما أدلى المسمى لزعر بتصريح صحفي لموقع “هسبريس” يتبرأ فيه من تصريح ولد الكرية، متهما إياه ب “خيانة الشعب”، معلنا صدمته من زميله، متشبثا بكل ما حملته الأغنية من مضامين ورسائل!..
يوم واحد بعد ذلك، خرج ولد الكرية مرة أخرى، لكن هاته المرة رفقة لزعر، بتصريح صحفي يتبرأ فيه من تصريحه السابق، ويكشف فيه ما اعتبره مؤامرة ل “استقطابه” ودفعه لخيانة زميليه مقابل رشوة 2000 درهم، وقراره اعتماده كمراسل لموقع “علاش تيفي”!!!!.
هل يصدق عاقل أن يقبل ولد الكرية باعتماد صحفي و رشوة قدرها 2000 درهم للانقلاب على مواقفه، وزميله لزعر اعترف أن عائدات أغنية عاش الشعب فقط فاقت 4 ملايين سنتيم؟!..
أي تفاهة، وأي رداءة، وأي استخفاف بعقول المغاربة، وأي ضحك على الذقون أكثر من هذا؟!.
من الواضح اليوم أن صوت الانحطاط والتفاهة والرداءة بات هو المسيطر والمهيمن على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، حيث الجهلة وخريجو السجون ومدمنو المخدرات أصبحوا هم نجوم اليوتوب والفيسبوك وأنستغرام وسناب شات، وعائداتهم المالية تقدر بالملايين شهريا، فيما نسبة المشاهدات التي يحققها المثقفون والمبدعون الحقيقيون الذين يقدمون محتويات تفيد البلاد والعباد، تبقى جد محدودة.
لقد حان الوقت لدق ناقوس الخطر أمام الزحف المتواصل لهذا الكم من التفاهة والرداءة، ومن واجبنا جميعا أن نصرخ بعلو أصواتنا:
لنرتقي بعقولنا.. وكفى من جعل الحمقى والمعتوهين مشاهير.