مجتمع

بعد فاجعة رأس السنة.. هل ستتواصل السيبة بطنجة؟!.

الجمعة 10 يناير 2020 - 17:06

بعد فاجعة رأس السنة.. هل ستتواصل السيبة بطنجة؟!.

محمد العمراني
حدث ما كنا نخشاه، وشاءت الأقدار أن تودع مدينة طنجة سنة 2019، وتستقبل سنة2020 ، على وقع فاجعة احتراق مقهى للشيشة بطنجة، أودى بحياة سيدتين، ساقتهما قسوة الحياة للاشتغال بالمكان الذي سيقضيا نحبيهما فيه.

قد يدعي البعض أن الحريق قضاء وقدر، ويمكن أن يحدث في أي مكان وفي أي زمان، لكن هذا تبرير مردود عليه، لأن الانتشار المهول لأوكار الشيشة، وخاصة في أماكن مأهولة بالسكان (أسفل العمارات السكنية) ، سيجعل المدينة تعيش فوق برميل بارود قابل للانفجار في كل لحظة وفي أي مكان.

لقد سبق لنا في منبر “طنجاوي” أن نبهنا أكثر من مرة لمخاطر الانتشار المهول لهاته الأوكار، التي أصبحت أشبه ببورديلات تتنافس على توفير كل لوازم “القصارة والفرفشة” لزبنائها، من الجنس إلى الخمور، مرورا بجميع أنواع المخدرات (كوكايين، أقراص مهلوسة، النفاخة…)..

وتطرقنا إلى حجم الأرباح التي باتت توفرها هاته الفضاءات، ما جعل طنجة تعرف اليوم استفحالا مهولا لهاته الأوكار، إذا لا يكاد يمر يوم دون افتتاح وكر جديد، والأخطر من ذلك أن العديد منها يتواجد على بعد أمتار قليلة من المؤسسات التعليمية، في غياب أي تدخل من طرف كل الجهات المسؤولة بمن فيهم رؤساء المقاطعات، باعتبارهم من يمنحون الترخيص بافتتاح مقهى، لتتحول بعد ذلك إلى مقهى للشيشا!..

و سجلنا بكثير من الاستغراب التواطؤ المثير إزاء كل هاته الممارسات الغير قانونية، والغير الأخلاقية والمشبوهة التي تحتضنها هاته الأوكار، الأمر الذي يطرح سؤالا عريضا حول دور الأجهزة المسؤولة عن مراقبة ما يجري بالفضاءات والأماكن العمومية، وفي مقدمتها مصلحة الاستعلامات العامة بولاية أمن طنجة، التي يفترض أن تتصدى لكل هاته الأفعال المجرمة قانونا، في وقت يلاحظ الجميع باستغراب كبير التأكد الغير مفهوم في محاصرة هكذا ممارسات!!..

وتساءلنا بحرقة عن أي ضمير يمتلكه مسؤولو المدينة وهم يشاهدون كيف تحولت هاته الأوكار إلى مصيدة للإيقاع بالقاصرات، ومعظمهن تلميذات، بل الجميع يعرف ان عدة شبكات للقوادة تنشط بالمدينة، باتت تشتغل لفائدة لوبي الشيشة، مهمتها استدراج القاصرات من الفضاءات المحيطة بالمؤسسات التعليمية، مستغلة حاجتهن للمال، ليتم الزج بهن في جحيم الرذيلة، ومع ذلك لا نسمع صوتا لهؤلاء المسؤولين، ومنهم من يفتخر بكونه يرأس مؤسسة منتخبة تمثل ساكنة المدينة!!..

وكشفنا أن المنافسة الشديدة على استقطاب زبناء ممن يدفعون أكثر، دفعت مالكي هاته الأوكار إلى البحث عن أجمل وأحلى القاصرات، وتقديمهن لقمة سائغة للذئاب البشرية المستعدة لنهش لحم الصبايا، بل البعض من هاته الفضاءات أصبحت توفر أماكن لممارسة الجنس في غياب تام للمراقبة!..

إنها مأساة حقيقية ولا من يحرك ساكنا…
المصيبة هي أن الجميع يعرف أن مقاهي الشيشة أصبحت فضاء يوفر الحماية لمتعاطي أشد أنواع المخدرات فتكا، ومن أراد أن يحصل على جرعته من الكوكايين فلن يجد مكانا آمنا أفضل من مقاهي الشيشة.
بل لم يعد الأمر مقتصرا على الجنس والمخدرات، حيث وصلت السيبة حد توفير فضاءات للعب القمار، وتقديم الخمرة للزبناء، فيما الأمن والسلطات المحلية والمنتخبة في دار غفلون!..
الجميع يعلم أن زبائن “الهاي كلاس” الذين تتهافت على استقطابهم هاته الاوكار هم من تجار القرقوبي والسموم البيضاء، وهم الذين يصرفون بسخاء الأموال، المتحصلة من تخريب عقول الشباب وتدمير مستقبلهم، ويدفعون دون حساب!..

والجميع يعرف أن مقاهي الشيشة أصبحت مكانا مفضلا لتجار المخدرات الصلبة والقوية لعقد صفقاتهم، حيث يوفر ملاك هاته المقاهي فضاءات ملائمة لإتمامها بعيدا عن الأعين المتلصصة..

والكل يتحدث عن “المداهمات المخدومة”، بدليل أن معظم النرجيلات المحجوزة هي مجرد خردة وغير صالحة للاستعمال، ذلك أن توقيت الكثير من الحملات الأمنية يكون معروفا بشكل مسبق لدى أصحاب هاته الأوكار، حتى أن الشرطة عندما تداهم الوكر تجد الشخص الذي سيقدم نفسه انه مسير المقهى في أتم الاستعداد لتقديم نفسه، حيث يتم وضعه رهن الحراسة النظرية، قبل أن يتم إخلاء سبيله من طرف النيابة العامة لغياب أي تهمة تستوجب الاعتقال، لأنه نادرا ما يتم توقيف قاصرات داخل هاته المحلات، ونادرا ما يتم حجز مخدرات صلبة وأقراص هلوسة، ونادرا ما يتم حجز الخمرة التي تقدم للزبناء!!!..
وتوقفنا عن تحول خطير يعرفه قطاع الشيشة، حيث أصبح أحد الوجهات المفضلة للشبكات المتخصصة في تبييض الأموال القذرة المتحصلة من الاتجار الدولي في المخدرات بكل أصنافها..

لكن أن تصل الأمور إلى حد إزهاق أرواح مواطنين أبرياء، فإن الأمر يستدعي دق ناقوس الخطر، وبات على الجميع أن يتحمل مسؤولياته لوضع حد لكل هاته السيبة التي تنخر مدينة طنجة.

الأمر يبدأ من مكتب رؤساء المقاطعات، لأنهم هم من يوقعون رخص فتح المقاهي، تحث رقابة عمدة المدينة، وبعد ذلك يتم تحويلها إلى فضاء لتعاطي الشيشة، والجميع يعلم أن الأمر فيه تحايل، بمن فيهم رؤساء المقاطعات، وبالتالي يتوجب عليهم تفعيل شروط منح الرخص التجارية، ومن أهمها احترام النشاط المرخص على أساسه، حيث من واجب مانح الرخصة أن يسحبها كلما تم الإخلال بشرط من الشروط، تحت طائلة جره للمحاسبة..

مصالح الوقاية المدنية مسؤولون أيضا، لأنهم هم من يؤشرون على استجابة مالك المقهى لجميع شروط السلامة، ومن حقهم تفعيل دوريات للمراقبة بعد افتتاح هاته الفضاءات، علما أن معايير السلامة في مقهى عادية ليست هي نفس معايير فضاء مغلق تستعمل فيه النرجيلات والفحم!..

السلطات المحلية مسؤولة هي أيضا، فهي مسؤولة عن اتخاذ جميع التدابير للحفاظ على الأمن العام، ومراقبة مدى تقيد جميع الفضاءات العمومية بالقوانين والضوابط المعمول بها، ولها سلطة الرقابة على أداء المجالس المنتخبة.
مصالح الأمن، وعلى رأسها مصلحة الاستعلامات العامة، لها مسؤولية ثابتة، فهي المخول لها مراقبة ما يجري داخل الفضاءات العمومية، ولها الحق في متابعة مسيريها إن خالفوا القوانين الجاري بها العمل (ارتياد القاصرين، تعاطي الفساد، استهلاك المخدرات، بيع الخمور..).
أمام كل هاته المعطيات الصادمة من حقنا أن نتساءل:
هل سيواصل لوبي الشيشة بطنجة تحديه للقانون؟،
هل ستستمر السيبة بالمدينة؟،
هل سيواصل المسؤولون دفن رؤوسهم في الرمال؟؟؟!!!.