
محمد العمراني
في أول مهمة رسمية يقوم بها بعد تسلمه لمهامه، و بتعلميات من الملك محمد السادس، ترأس وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أمس الإثنين، جلستي عمل في غاية الأهمية، جمعته الأولى بالمنتخبين ومندوبي القطاعات الحكومية بالإقليم، وممثلي هيئات المجتمع المدني، خصصها للتعرف عن قرب على المشاكل التي تعانيها منطقة الريف، و الإعلان عن الجدولة الزمنية لتنزيل مشاريع تأهيل البنية التحتية، وتأهيل المنطقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والتأكيد على التزام الدولة بتنمية منطقة الريف.
الاجتماع كان فرصة أوضح فيه وزير الداخلية أن الدولة تعتبر إقليم الحسيمة كسائر أقاليم المملكة، وينطبق عليه القانون الذي يسري على جميع التراب الوطني، مشددا على أن من يدعي خضوع الإقليم لقانون خاص عليه الإتيان بالبرهان، والدليل على ذلك يضيف وزير الداخلية، أن الإقليم تشرف على تدبير شؤونه مؤسسات مدنية، فهناك عامل الإقليم ورجال الإدارة الترابية، ومؤسسات منتخبة، في حين أن “العسكرة” التي يزايد بها من ينصبون أنفسهم “قادة” الحراك تستوجب خضوع الإقليم لقائد عسكري، وهذا إدعاء زائف تدحضه الوقائع التي تجري على الأرض.
فيما الجلسة الثانية جمعته برجال الإدارة الترابية، حرص فيها على دعوتهم الى الإنصات الدائم للمواطنين، والتحرك الاستباقي للتعاطي مع مشاكلهم اليومية، وإيجاد الحلول لها من دون تعقيدات إدارية، وهو ما رأى فيه المتتبعون تجديدا للمفهوم الجديد للسلطة، الذي ظل الملك محمد السادس ينادي بإعماله في الكثير من المناسبات، كان آخرها خطاب افتتاح البرلمان في أكتوبر المنصرم.
ما يجري بمدينة الحسيمة اليوم، من إصرار هؤلاء “القادة” على تأزيم الأوضاع، والرفع من منسوب التوتر والغليان، يطرح الكثير من التساؤلات حول صدقية مزاعمهم بالدفاع عن مصالح ساكنة المدينة، خصوصا ونحن على أبواب فصل الصيف، الذي يبقى أهم فترة في السنة التي تنتعش فيها المدينة اقتصاديا، بفضل الإقبال المتزايد عليها من أجل قضاء عطلة الصيف بها، الأمر الذي ينعكس إيجابا على جيوب ساكنة المدينة.
و أمام تصميم هؤلاء “الزعماء” على تنفيذ مخططهم، لم يعد هناك مجال للشك في كونهم يسعون إلى أخذ المدينة رهينة لهم وخنق اقتصادها، تنفيذا لتوجيهات جهات أجنبية، تراهن على زعزعة استقرار منطقة الريف لأهداف لم تعد خافية على كل وطني غيور، كل ذلك من أجل خدمة مصالحهم الضيقة و اللاوطنية، و الإبقاء على صنبور التمويل الخارجي مفتوحا.
وإمعانا في المتاجرة بالمطالب الاجتماعية المشروعة لساكنة الريف، يتهيأ أحد كبار “قادة” الحراك إلى السفر إلى الديار الهولندية، بمساعدة من مموليهم الذي وفر له الوثائق اللازمة لاستصدار تأشيرة السفر، ظاهره عقد لقاءات بجمعيات مناصرة للحراك، لكنه في حقيقة الأمر هو سفر خاص جدا لاستجمام مدفوع التكاليف، ونترك له شجاعة الكشف عمن سيرافقه في هاته الرحلة المخملية.
اليوم وبعد حوالي ستة أشهر من الحراك بدأت التساؤلات تنتصب بقوة حول حجم التمويل الذي يتوصل به هؤلاء “القادة”، والأهداف القذرة التي يتم تسخيرهم لتنفيذها حرفيا، لا سيما وأن الجهات الممولة التي تتعامل معهم بسخاء، بدعوى تضامنهم مع منطقة الريف، كان عليها بالأحرى توجيه هذا الدعم لتحقيق المطالب المشروعة للساكنة.
وأمام هذا الإصرار على الإرتهان لأجندة خارجية، وعلى خدمة المصالح الذاتية الضيقة لمن ينصبون أنفسهم أوصياء على الحراك، بات على الجميع تحمل مسؤولياته كاملة في كشف خيوط هاته المؤامرة، وفضح تآمر هؤلاء المغامرين، لأن الوطن فوق الجميع.