
طنجاوي
بات من المؤكد أن الحملة الانتخابية التي يعرفها المغرب هاته الأيام، خلقت رواجا اقتصاديا غير مسبوق، كانت أبرز تجلياته العدد الهائل من مناصب الشغل العرضية التي وفرها جل وكلاء اللوائح لفائدة شباب عاطل عن العمل، تم تكليفهم بتوزيع المناشير الانتخابية.
بمدينة طنجة كانت الصورة أكثر وضوحا، فالبطالة التي استحكمت في أوساط شريحة واسعة من شباب عاصمة البوغاز، رأوا في الحملة الانتخابية طوق نجاة مؤقت يقيهم سعير البطالة الحارق.
لقد باتوا يترقبون بفارغ الصبر موسم الانتخابات لعرض خدماتهم على المرشحين، لتشغليهم كمساعدين في الحملة الانتخابية، إما مكلفين بتوزيع المنشورات الانتخابية، أو كمرافقين للمرشحين، وحتى منظمين للمهرجانات الخطابية..
ومن خلال جولة بسيطة داخل أرجاء المدينة، يتضح حجم مناصب الشغل التي وفرتها الحملة الانتخابية، بحيث فاقت مجهودات الحكومة في مجال التشغيل، فمعدل المساعدين لكل لائحة انتخابية لا يقل عن 300 شخص، وبالتالي فنحن أمام بضع آلاف من مناصب شغل تم خلقها طيلة أيام الحملة الانتخابية.
و يدر هذا العمل على هؤلاء الشباب دخلا ماديا لا بأس به، يتراوح مابين 100 درهم في اليوم بالنسبة لموزعي الأوراق، و300 درهم بالنسبة لرؤساء المجموعات، يتقاضونها يوميا أو حسب الكمية التي كُلِّفوا بتوزيعها، غير أن العديد منهم يقعون ضحية الاستغلال من طرف بعض الوكلاء، الذين لا يتورعون عن توزيع الوعود الكاذبة ومماطلتهم، ومحاولة التهرب من تمكينهم من أجرهم اليومي، بل هناك من الوكلاء من يعمد إلى استغلال الأطفال الصغار في الحملات الانتخابية، في خرق سافر للقوانين والمواثيق ذات الصلة…
وعن مدى التزام هؤلاء الشباب بالتصويت على اللوائح التي اشتغلوا لفائدتها، لا يترددون عن الإفصاح بكونهم لن يصوتوا لفائدة أي مرشح، لكونهم فقدوا الثقة في الأحزاب والمرشحين على السواء، وأن توزيع المناشير لا يعدو أن يكون عملا مؤدى عنه، ولا يمكن اعتباره التزاما سياسيا مع هذا الحزب أو ذاك المرشح…
فيما يؤكد البعض منهم أن العمل طيلة الحملة الانتخابية فرصة للتعرف عن قرب على المرشحين، ومن خلالها يمكن أن تحصل القناعة للتصويت على أحد المتنافسين، على اعتبار أن التصويت هو فرصة حقيقة لقطع الطريق أمام ناهبي المال العام وتجار الأوهام والوعود الانتخابية.

