
طنجاوي
بعدتأجيج خطابات الفرقة والنعرات العرقية وتحريض ساكنة الريف واستغلال أموالهم في الاقامات المرفهة والفنادق المصنفة والتنقلات المجانية في إطار ما أسمته “كرم” أهل الريف في حين تصفه عند المسؤولين باستغلال أموال الشعب والفقراء، انتقلت مايسة سلامة الناجي إلى طرف آخرمن تراب المملكة، وهو الأقاليم الجنوبية وبالتحديد مدينة العيون، وذلك في سياق تعرف فيه منطقة الريف تنامي الحركات الاحتجاجية، ويمر بمرحلة عصيبة، لا أحد يدري ما الذي ستؤول إليه خصوصا إذا ما تم التعاطي مع الملف بنوع من التهور، وانسياق الساكنة –بعلم أو بدونه- في مشروع تخريبي تقوده جهات خارجية، ويهدف إلى تأجيج الفتن داخل الوطن، والترويج لها على المستوى الدولي، وهو ما يجعلنا نطرح السؤال عن سر هذه الزيارة وفي هذه الفترة بالذات؟
لقد تابعنا باهتمام الأحداث المتسارعة في منطقة الريف على خلفية مقتل “سماك الحسيمة” محسن فكري، وهو الأمر الذي استنكره كل مغربي غيور على بلاده، بغض النظر عن الظروف والملابسات التي وقع فيها الحادث، فكان من أول المطالب محاكمة المسؤولين محاكمة عادلة –بكل ما تحمله الكلمة من معنى–، فليس الهدف تقديم أكباش فداء وإنما إحقاق العدل وتطبيق القانون في حق المتورطين، لتتطور بعد ذلك الاحتجاجات التي نفضت الغبار عنمطالب اجتماعية عادلة، تمثلت في بادئ الأمر فيإعفاء المسؤولين المتورطين، وتغيير بعضهم، وهو ما تم بالفعل، إضافة إلى المطالبة ببناء جامعة ومستشفى وتوفير فرص للشغل، وهي المطالب التي حركت وفدا وزاريا بتعليمات ملكية، للوقوف على هذه المشاريع وإخراجها لأرض الواقع، لكن سرعان ما طفت على السطح مطالب جديدة غير واضحة وأخرى غير معقولة اعتُمِدَت كشرط للحوار مع مؤسسات الدولة، وهي “رفع العسكرة” الذي يستند فيه المحتجين على ظهير صدر سنة 1958 يعتبر الحسيمة منطقة عسكرية–في ظل ظرفية لها مبرراتها آنذاك-، وهو الظهير الذي تم نسخه في السنة الموالية بظهير 1959 الذي قسم المملكة إلى جهات مدنية بما فيها جهة الريف، الشيء الذي تم توضيحه غير ما مرة من طرف عدة مسؤولين، ويتجلى المطلب الآخرفي إطلاق سراح جميع المعتقلين، وهو ما يعني تعطيل القانون والأحكام القضائية، بغرض الإفراج عن محكومين بعقوبات حبسية في إطارأفعال إجرامية بنص القانون، وهو ما يطرح السؤال حول حسن نوايا “زعماء الحراك” في إيجاد حلول للمشاكل التي تعرفها المنطقة، وتحقيق الملف المطلبي الاجتماعي، أم أن الأمر لا يتعدى أن يكون محاولات ل“خندقة“ الدولة، وتأجيج الأزمة، وإغلاق أي بوادر لإيجاد حلول؟.
وفي الوقت الذي انشغلنا بكثرة الأسئلة والاستفهامحول “حراك الريف”مع ما يواكبه من متغيرات وتعدد للمتدخلين، فلم نعد نميز بين من يتزعم الحراك، ومن ينقل الخبر ويساهم في نشره، فاختلط دور الصحفي وكاتب الرأي بدور المناضل و”الزعيم” ليتحول إلى التأجيج أحيانا ونشر الخطاب العدمي دون تقديم أي مقترحات للحلول، ظهرت كاتبة الرأي مايسة سلامة الناجي التي حلت بمدينة الحسيمة في أطار ما أسمته نقل صوت الساكنة ولعب دور الإعلام البديل، فانتظرنا منها أن تنقل لنا المعطيات كما هي على أرض الوقع، والاستماع لجميع الفاعلين في حراك الريف، في حين لم نخرج من تدويناتها إلا بكثرة الصور التي لا تضيع الفرصة في إرفاقها بكل تدوينة وبمختلف “الوضعيات” و بخطابات عدمية بكائية شعبوية، تخاطب القلوب العفوية التي تضعف أمام الخطابات الحماسية، وأصبحت تنقل لنا تطلعات فئة واحدة إن لم نقل شخص واحد، أحيطت به العديد من الشبهات، وطرحت حوله العديد من الأسئلة من قبيل الجهات الممولة له والمتحكمة فيه، و التي تملي عليه تحركاته وخطاباته، وهو الأمر الذي جعلنا نتوقف للحظة، لتحليل تدويناتها، فلم نجد فيها ما يبشر بالخير، إذ تعطي انطباعا للقارئ أننا نعيش في بلد أسود، يعيش في القمع والفقر والديكتاتورية، بل ويغلب على خطاباتها طابع التخوين للجميع، وأن الكل فاسد، ولا مجال للحرية ولا للتعبير، ولا ديمقراطية ولا تنمية ولا أي شيء، فعن أي بلد تتحدث؟؟؟ نشعر أنها تفكر في سوريا والعراق وليبيا فتخرج حبرا باسم المغرب، فما هي أهداف هذه الكاتبة، وما هي نواياها؟؟؟
إن هذا السؤال يزداد تعقيدا أو بالأحرى وضوحا، خاصة في ظل الزيارة المفاجئة لكاتبة الرأي للأقاليم الجنوبية مباشرة بعد نهاية “تغطيتها” بمفهوم التحريض لأبناء الريف ودعوتهم للتمسك بالشارع ونبذ ثقافة الحوار مع كافة المسؤولين الذين لا ترى فيهم إلا بيادق و”كراكيز”. وهل ظهرت بوادر انفراج الأزمة في الريف لنبحث عن مشاكل في مناطق أخرى من المملكة؟ وما سر اختيار هذه المنطقة للزيارة بالضبط؟؟؟ خاصة وأنها تتميز بتقارب كبير مع الريف في طبيعة مكونات المجتمع، وتعدد الفاعلين، ووجود النعرات القبلية، وانتشار لثقافة الاحتجاج؟ لماذا انتقلت مايسة إلى الصحراء وفي هذا الوقت بالذات؟ هل هي محاولات لجس النبض وتعميق الأزمة والتشويش على الحكومة من خلال خلق اضطرابات بمناطق متعددةمن المملكة؟ والأخطر، هل تشارك “كاتبة الرأي” في مشروع شمولي لجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه؟!!!
لقد دونت مايسة سلامة الناجي تعليقا على زيارتها للعيون بالقول: “ أنا اليوم كما ذهبت إلى الحسيمة لا لأوقظ الفتنةأيضا جئت لأرى الإهمال الذي يعاني منه شباب العيون” وفي تدوينتها نطق بالحقيقةفي صيغة النفي، وإلا لماذا أشارت للفتنة في تدوينتها إن لم تكن متوجسة من سوء نواياها وهو ما يعرف بالعامية بمقولة “مول الفز يقفز”. إن في ثنايا الأسئلة السابقة أجوبة خطيرة، ينبغي الحذر منها ومعرفة العدو الحقيقي لهذا البلد، الذي أصبح يظهر في جلد المُطَالِبِ بالحقوق وبالإصلاح في حين يهدف إلى الخراب والدمار، إن العدو الخفي أخطر وأبشع من العدو الظاهر وسلاح القلم أصبح في زماننا أفتك من الرصاص فاعتبروا بقول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُواأَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواعَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) صدق الله العظيم.